حديث النبيﷺ عن الفطرة ج١
أحكام المولود احاديث ظاهرها تناقض

  • حديث النبيﷺ عن المولود بالفطرة ج١ *

روي عن حضرة النبيﷺ

كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه

{ أخرجه ابن حبان والبخاري بنحوه }

البيان :-

هل الفطرة هي الإسلام :-

قالوا الفطرة والحنيفية هي الإسلام ويدل عليه أنه قال يهودانه....، إلخ، ولم يقل يسلمانه لكن ليس في الحديث ما يدل على أن الفطرة هي الإسلام

بل هناك دلائل تبين أن الفطرة هنا في الحديث ليس الاسلام. .

  • أقوال العارفين في ذلك * .

اولا : قال بهاء الدين البيطار :-

إعلم نور الله قلبك أن العلماء توسعوا في معني الفطرة في الحديث فقالوا هي فطرة الإسلام وقال بعضهم هي فطرة الإقرار بالربوبية

لأن المولي عز وجل أشهد العباد على أنفسهم بتجلي الربوبية حيث قال سبحانه وتعالى { ألست بربكم قَالُوا بَلَى شَهدنا }

فنقول لو كان المولود يولد على فطرة الإسلام فلا يجوز للخضر أن يقول في حق الغلام الذي قتله إنه طبع كافرا ولا يمكنه الشرع من قتله والاعتذار بقوله مجيبا { فخشينا أن يُرهقهما طعيا وكفر } [ سورة الكهف ]

فهذا دليل على أن فطرة الغلام الكفر وليس الإسلام ( وبذلك يتعارض مع ما قاله العلماء بأن الفطرة هي الإسلام )

وقد صرح النبي ﷺ بأن (الغلام طبع کافرا )

{ أخرجه مسلم وأحمد والترمذي وأبو داود }

فإن قلت إن سيدنا موسى أنكر قتله والخضر استحل قتله فكيف الأمر ومن هو الأحق بالاتباع ؟

قلت إن الخضر أنصف حيث قال ما روي عن حضرة النبيﷺ :- ( يا موسى أنت على علم من الله لا أعلمه أنا وأنا على علم من الله لا تعلمه أنت...)

{أخرجه الإمام أحمد في مسنده }

وقد برأ الخضر نفسه حيث قال ( وما فعلته من أمرى) ومعنى كلامه أني ما أظهرت في الوجود إلا ما كان في العلم الإلهي ثابت ومن جملة حال الغلام في الثبوت أنه يقتل في الوقت الذي قتله فيه فأظهرته في الوجود فكان حكمي منسوباً إلى الله ( وما فعلته عن امري )

قال تعالى لحضرة النبي ﷺ. { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمي }. فهذا حكم الحقيقة وأما في الشرع الظاهر فالرامي سيدنا محمد ﷺ

وفي الشرع الظاهر يقتل الخضر بقتله للغلام ولكن الخضر في هذه المسألة بمنزلة ملك الموت قال تعالى { قل بتوقكُم مَّلَكُ المَوْتِ)

ثم محى الله قدرة ملك الموت وأثبت نفسه فقال المولي عز وجل { الله يتوفي الأنفُس حين موتها } فأين ملك الموت؟ فعلى هذا سيدنا موسى مرسل بالشريعة والخضر مرسل بالحقيقة

فإن قلت مقتضى قول النبي ﷺ { وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) أي أن المولود مسلم عند ولادته

أقول ليس الأمر كذلك بالدليل الذي وضحناه سابقا بقوله ( طبع كافرا ) كما في الحديث وبدليل قول الله سبحانه وتعالى { فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}

فالفطرة هنا هي أسماء الله تعالى وأسماؤه منها الهادي والمضل وهذا هو خلق الله ولا تبديل له فالأبوان لا قدرة لهما على تبديل خلق الله

فالفطرة في كلامه معناها ما هو عليه المولود من فطرة الله وقول النبيﷺ ( وإنما أبواه.... إلى آخره ) دليل لما هو الواقع عند الله بدليل قوله تعالى { لَا تبديل لِخَلْقِ اللَّهِ}

فافهم هذا فإنه من العلم الخضري وهو العلم اللدني الذي قال تعالى فيه ﴿وَعَلَّمْتَهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا }

{الواردات للبيطار ج٢ ص ٣٣٨-٣٤١ بتصرف يسير} . .

ثانيا : الفطرة هي الاستعداد:-

الفطرة هي السلامة والقابلية والاستعداد والتهيؤ ويدل علي ذلك قوله تعالى

﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّنْ بُطُونِ أُمَّهَتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا )

و ( شيئاً ) هنا نكرة في سياق النفي فتفيد العموم قال الطبري والله تعالى أعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من بعد ما أخرجكم من بطون أمهاتكم

لا تعقلون شيئاً ولا تعلمون فرزقكم عقولاً تفقهون بها وتميزون بها الخير من الشر وبصركم بها ما لم تكونوا تبصرون .

قال القرطبي في الآية ثلاثة أقاويل :-:

أحدها لا تعلمون شيئاً مما أحد عليكم من الميثاق في أصلاب آبائكم

-الثاني : لا تعلمون شيئًا مما قضى عليكم من السعادة والشقاء .

والثالث : لا تعلمون شيئًا من منافعكم

وقال ابن عبد البر :-:

يستحيل في المعقول أن يكون الطفل في حين ولادته يعقل كفراً أو إيمانا لأن الله أخرجهم في حال لا يفقهون معها شيئًا قال الله تعالى (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا) فمن لا يعلم شيئًا استحال منه كفر أو إيمان أو معرفة أو إنكار .

والي الجزء الثاني من بيان الحديث .