حديث النبيﷺ عن حقيقة المؤمن القوي والضعيف
أحاديث المعاملات

روي عن حضرة النبيﷺ

المؤمن القوي خير وأحب إلى اللهِ مِن المؤمن الضعيف، وفي كُلٍّ خير. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وان أصابك شيئ، فلا تقل لو أَنِّي فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر اللهِ وما شاء فعل فإنّ (لو) تفتح عمل الشيطان.

أخرجه الأئمة : مسلم وأحمد وابن ماجة رضي الله عنهم

. * البيان *

اولا :- القوة والضعف .

ليس القوة والضعف في البدن لأن حضرة النبيﷺ قال وفي كل خير وهي إشارة واضحة علي قوة الإيمان بالله سبحانه وتعالى لأنك تري شابا لا يستطيع الصوم مع قوة بدنه ورجل كبير في السن يصوم ويقوم الليل

إذن القوة والضعف في العمل والعبادة في قوام حياة الدنيا والدين معا دون إفراط أو تفريط وعلي قدر العمل وثقله يثقل الميزان.

كما روي في معني الحديث :- أن سيدنا عبد الله مسعود رضي الله عنه كان يجلب سواكاً وكان دقيق الساقين فكانت الريح تحرك ردائه فيظهر دقة ساقيه اي كونها نحيفة جدا فضحك القوم منه

فقال رسول الله ﷺ مما تضحكون قالوا يا نبي الله من دقة ساقيه فقال النبي ﷺ والذي نفسي بيده لهما اي قدمي إبن مسعود اثقل في الميزان من جبل أحد

. اذن المحمود والمذموم هو عدم العمل وعدم العبادة أو العمل والعبادة بكسل وتهاون استخفافا بالأمر والنهي وعدم الاخلاص والإتقان في العمل والعبادة

وكل ما كان العمل والعبادة فيهما نفع يصل للناس والمجتمع كان اعظم واقوي من الصدقة والزكاة والمعونة ومساعدة المحتاج بالمال والبدن وكذلك تحمل الأذي والصبر علي البلاء وعلي أفعال العبادة ومقابلة السيئة بالحسنة إلي غير ذلك من الأخلاق الرفيعة

.

  • ثانياً قوله ﷺ احرص عَلَى مَا ينفعك وَاسْتَعِنْ بالله :-

قال العارف بالله أبو القاسم القشيري:-

سمعت أبا سعيد الخراز يقول من ظن أنه ببذل الجهد والتعب في تنفيذ الأوامر والنواهي يصل إلى مطلوبه فهو متعن أي متعب نفسه ولا يصل إليه بذلك

. ومن ظَنَّ أنَّه بغير بذل الجهد يصل إلي مولاه من حيث الرضي أو المقامات العالية عند ربه فهو متمن ومغتر بعفو الله فعلى العبد أن يجتهد ويتوكل على فضل ربه
لا عمله . . وقال العارف بالله أبو بكر لواسطي :

المقامات المطلوبة ( من علم ومعرفة ورزق حسي ومعنوي وغير ذلك ) أقسام قسمت منذ الأزل كيف تستجلب بحركات أو تنالها بشدة الجهد والسعي

. فالحركة والسعي في الطاعة جعلها الله شروط الفلاح فالفلاح مشروط في الأزل بجريانها وحاصل بقدر الله لا بفعل العبد وفي ذلك إثبات الكسب للعبد ( والذي عليه يحاسب ) لكن مع التبري من الحول والقوة

. فلا تكن كالعبد الذي يترك العمل فلا يكن ممن كذَّب بالقضاء وصدَّق بالأمر والنهي فيكون من جنس المجوس

. ولا تكن ممن آمن بهما لكن قصر في الأمر والنهي اعتماداً علي انها قسمت منذ الأزل فيكون من جنس المشركين الذين قالوا ( لو شاء الله ما أشركنا )

فكلا الفريقين ضال والثاني أضل من الأول .

( والاعتدال الحقيقي العمل بالاسباب والاعتماد على مسبب الأسباب كما قال حضرة النبيﷺ كل ميسر لما خلق له فاعمل وتعبد واستعن بالله وإن المعونة والتوفيق منه عز وجل

{ إحكام الدلالة على تحرير الرسالة ص ٥٣ }

  • ثالثا قوله ﷺ لو أنِّي فَعَلْتُ كان كذا وكذا :

من عمل وتعبد ولكن وجد ما لا يحبه وما لا تهواه نفسه أو خدم عباده فوجد منهم جفوة وغلظة أو عدم تقدير أو جزاء من الناس

. فلا تقل ليتني لم أفعل لأنهم لا يستحقون أو لو فعلت كذا لكانت النتيجة افضل والرزق أكثر أو لو لم افعل كذا لما أصابنا كذا وكذا فكل ذلك سوء أدب مع الله تعالى لأنك تعمل لربك وليس لخلقه

وكلمة لو ليست فقط من عمل الشيطان بل أيضا قد تجرح ايمانك بالله وتؤثر في عقيدتك بربك وانت لا تشعر

فكأنك تقول إن الله تعالى غير منصف في الجزاء أو العطاء أو البلاء وهذا كفر ادخلك فيه ابليسوانت لا تشعر فهو من الشرك الخفي فاحذر من ذلك

. فإذا عملت أو تعبدت وأخذت بالاسباب في كل ذلك وانت مستعين بربك وطلب الخير منه سبحانه وتعالى فلا عليك بعْدَها إلَّا أن تفوِّضَ أمرك كلَّه لله عز وجل

وتكون على إيمان كامل بأن اختيار اللهِ عزَّ وجلَّ هو الخير كله حتّى وإن كان الظاهر فيما وقع لك أو حدث مكروه لا تحبه أو علي غير هواك .

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين

.