حديث النبيﷺ عن ضرر النميمة والغيبة ج 2
أحاديث المعاملات

  • حديث النبيﷺ عن ضرر النميمة والغيبة ج 2 *

فقال العبد العاصي :-

إلهي وسيدي عصيتك اربعين سنة وأمهلتني وقد أتيتك طائعاً فاقبلني فلم يستتم الكلام حتى ارتفعت سحابة بيضاء فأمطرت كأفواه القرب

فقال موسى إلهي وسيدي بماذا سقيتنا ولم يخرج من بين الناس أحد ؟ فقال يا موسى سقيتكم بالذي به منعتكم ( اي نفس الرجل الذي كان مانع لنزول المطر هو نفسه أصبح سبباً في نزول رحمته بتوبته )

فقال سيدنا موسى إلهي أرني هذا العبد الطائع فقال المولي عز وجل يا موسى إني لم أفضحه وهو يعصيني أفأفضحه وهو يطيعني ؟

يا موسى إني أبغض النمامين أفأكون نماماً ؟

{ روض الرياحين لليافعي ج١ ص ٣٨٣ } .

وقال الإمام النووي : .

[[ اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي ولا يمكن الوصول الي هذا الغرض الشرعي إلا من خلال ذكر الإنسان بما فيه من صفات حميدة أو مذمومة وذلك بتوافر ستة أسباب :-

السبب الأول :

الاستفتاء فيقول للمفتي ظلمني أبي أو أخي أو زوجي أو فلان بكذا فهل ذلك حلال ؟ وما طريقي في الخلاص وتحصيل حقي ودفع الظلم ؟ ونحو ذلك

فهذا جائز للحاجة ولكن الأحوط والأفضل أن يقول ما تقول في رجل أو شخص أو زوج كان من أمره كذا فإنه يحصل له الغرض من غير تعيين ومع ذلك فإن التعيين جائز كما في حدیث هند :-

فلقد روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت قالت هند امرأة أبي سفيان للنبي ﷺ إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم ؟

فقال النبي ﷺ خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ( متفق عليه )

فذكر النبي ﷺ صفة زوجها لأنها نصيحة في موضعها وليست غيبة كما تظن.

وقول حضرة النبيﷺ لفاطمة بنت قيس عندما شاورته في خطبة معاوية وأبو جهم لها

فقال النبي ﷺ لها أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ( أي أن أبو جهم يكثر من ضرب النساء وغيرهم فليس حليما وليس عنده أناة ورفق بالنساء )

والثاني :

الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر فلان يعمل كذا فازجره ونحو ذلك ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر فإن لم يقصد ذلك ( أي أراد فضيحته وكان باستطاعته فعل ذلك بلا ضرر وإن يستره بعد نصيحته ) كان الفعل حينئذ حراما

.الثالث :

التظلم فيجوز للمظلوم أن يتكلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه فيقول ظلمني فلان بكذا

ودليل جواز إباحة الغيبة للمتظلم قوله تعالى:﷽

{ لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا }   ( سورة النساء )

السبب الرابع :

أن يكون مجاهرا بفسقه أو بدعته كالمجاهر بشرب الخمر ويضر الناس وجباية الأموال ظلما وتولي الأمور الباطلة فيجوز ذكره بما يجاهر به ويحرم ذكره بغيره من العيوب إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه .

لما روته السيدة عائشة رضي الله عنها أن رجلاً استأذن على رسول الله ﷺ فقال النبي ﷺ أئذنوا له بئس أخو القوم وابن العشيرة (متفق عليه )

واحتج به الإمام البخاري رحمه الله تعالى ورضي عنه في جواز غيبة أهل الفساد وأهل الريب .

(( قال بعضهم :

ولكن رسول الله ﷺ يختلف عن بقية الخلق فهناك خصوصية في بعض أفعاله قائمة علي معرفة وعلم وحال لم يعرفه الناس فهناك أمور خاصة للنبي وليس للناس فعلها

فلعله قال ذلك لحكمة أو علة لا يعلمها الناس ولم يذكر أنه فعل ذلك ثانية أو كان عادة عنده وهذا غير صحيح لأنه املك الناس بأخلاقه كما قال تعالي في حقه ( وانك لعلى خلق عظيم )

فقول الإمام البخاري رضي الله عنه بجواز الغيبة بناءا علي الحديث فلعله تحت شرط من هذه الشروط الستة وما سوي ذلك فلا نفعله

لأنه ينقص من حسنات العبد ويصبح عادة عند العبد فيظلم قلبك وقد يؤثر في إيمانك حفظنا الله تعالى من ذلك . والله اعلم ) )

السبب الخامس :

تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم وذلك من وجوه فمنها جرح المجروحين من الشهود وذلك جائز بإجماع المسلمين بل واجب .

ومنها المشاورة في مصاهرة إنسان أو مشاركته أو معاملته أو غير ذلك ويجب على المشاور ألا يخفي من حاله شيئا بل يذكر المساوئ التي فيه بنية النصيحة .

ومنها من كان له ولاية لا يقوم بها على وجهها إما لأنه غير اهلا لها وإما أن يكون فاسقا أو معتلاً ونحو ذلك فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية عامة ليزيله ويولي من يصلح

السبب السادس :

تعريف الإنسان بصفة في خلقته وهذا للمعرفة فقط وليس للاذدراء

فإذا كان الإنسان معروفا بلقب مثل الأعمش والأعرج والأعمى والأحول وغيرها جاز تعريفهم ويحرم إطلاقهم على جهة التنقيص والازدراء ولو أمكن تعريفه بغير ذلك لكان أولى وافضل .]] . { رياض الصالحين للنووي} . .

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلي آله وصحبه أجمعين .

  • المراجع *

  • صحيح البخاري ومسلم

  • رياض الصالحين للإمام النووي ( بتصرف يسير )

  • مسند ابن أبي الدنيا

  • الطبقات لعبد الوهاب الشعراني ج١ ترجمة سفيان بن عيينة بتصرف

  • بستان الفقراء ونزهة القراء للكتامي الباب رقم ٥٧ , ٥٨

  • تقريب الأصول وتسهيل الوصول لمعرفة الله والرسول للزيني دحلان

  • روض الرياحين لليافعي اليمني

  • كتاب التوابين لإبن قدامة ص ٨٠ .