حديث النبيﷺ عن معرفة الله تعالى ج٤
المعرفة الإلهية و العقيدة

الوصول لمعرفة الله بلسان أهل الله ج ٤

             * علامات من عرف ربه * 

١-. الرضي بكل ما يجري عليك من قدره لأنه ليس هناك ذرة ولا انسان ولا حجر ولا طير يتحرك بالنفع أو الضرر الظاهري إلا وهو بفعل واردة وقضاء ربك

[[ قال بشر المجاشعي وكان من العابدين:-

لقيت ثلاثة رجال من الزهاد يتعبدون ببيت المقدس فقلت لأحدهم أوصني قال :.

ألق نفسك مع القدر حيث القاك فهو أحرى أن يفرغ قلبك ويقل همك وإياك أن تسخط علي ذلك فيحل عليك السخط وأنت عنه في غفلة لاتشعر به .

فقلت للآخر أوصني قال :.
التمس رضاه في ترك ما نهاك عنه فهو أوصل لك إلى الزلفي ( القربة ) لديه .

فقلت للثالث أوصني فبكى ثم قال : لاتبتغ في أمرك تدبيرا غير تدبير مولاك فتهلك فيمن هلك وتضل فيمن ضل ]]

{ المختار من مناقب الأخيار ترجمة بشر }

٢- أن تعبد ربك بلا علة ولا طلب :-

[[ قال الهجويري:-

كان في بني إسرائيل عابد عبد ربه أربعمائة سنة وذات يوم قال إلهي لو لم تكن تلك الجبال ولم تخلقها لكان السير والسياحة على عبادك أسهل.

فجاء الأمر إلى أحد أنبياء ذلك الزمان أن قل لذلك العابد ما شأنك بالتصرف في ملكنا؟

والآن وقد تصرفت فقد محونا اسمك من ديوان السعداء وأثبتناك في ديوان الأشقياء.

ففرح العابد وسجد شكرا لله عز وجل فقال له نبي ذلك الزمان لا يجب الشكر على الشقاء فقال العابد أنا أشكر على الشقاء لأن البارئ عز وجل كتب اسمي في ديوان من دواوينه.

ولكن لي طلب يا نبي الله قال له ما هي : قل لله تعالى وتقدس ابعث بي إلى الجحيم وضاعف جسدي فيملأ جهنم بحيث أشغل مكان كل العصاة من الموحدين ليذهبوا جميعا إلى الجنة.

فجاء الأمر الإلهي لنبي هذا الزمان :-

قل لذلك العابد إن هذا الامتحان لم يكن إهانة لك بل كان جلوة لك على رؤوس الخلائق وكن أنت ومن تشفع له يوم القيامة في الجنة.

( فلولا معرفة العبد بربه وأنه يعبده لذاته ومن عبد ربه لربه لم يلتفت الي رحمته أو سوط عذابه لأنه يعبده حبا في ذاته وحده ) ]]

{ كشف المحجوب للهجويري ص ٣٤٢}

٣- المعرفة تحفظ العبد فضلا من الله عليك:-

قال أبو عثمان الحيري:-

[[ حق لمن أعزه الله بالمعرفة أن لا يذله بالمعصية ويكون تعلق هذا بكسب العبد ومجاهدته على دوام رعاية أمور الحق.

قال الهجويري شارحا لهذا المعني السابق:-.

إن الله عندما يعز شخصا بالمعرفة فإنه لا يذله بالمعصية لأن المعرفة عطاؤه والمعصية فعل العبد

ومن أصبح عزيزا بعطاء الحق لا يذله الله بفعل نفسه مثل سيدنا آدم عليه السلام الذي أعزه الله بالمعرفة ولم يذله بزلته التي وقع فيها ( نسيانا لا عمدا ) ]]

{كشف المحجوب للهجويري ص ٢٨٧}

٤- الفتوة والمراقبة من معرفة الله تعالى:

[[ قال العارف بالله أبو عبد الله القرشي:-

الفتوة هي رؤية أعذار الخلق وتقصيرك وتمامهم ونقصك والشفقة على الخلق كلهم برهم وفاجرهم وكمالك أن يشغلك الحق عن الخلق.

وأما المراقبة:-

فهي إذا كنت فاعلاً فانظر نظر الله إليك وإذا كنت قائلاً فانظر سمع الله إليك وإذا كنت ساكناً فانظر علم الله فيك

قال الله تعالى: ﷽.
﴿قَالَ لَا تَخَافَاً إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وأرى) [طه]

وقال تعالي :. ﷽. ﴿أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَأَحْذَرُوهُ) [ سورة البقرة] ]]

{ الطبقات الصغرى لعبد الرؤوف المناوي ص ١١٢}

٥- من عرف ربه لا يتزعزع من الأقدار :

[ [ قال أبو بكر الواسطي:-

يسقط شعاع الشمس على نافذة المنزل فتظهر فيه الذرات وتهب الريح وتحرك تلك الذرات في وسط الضوء فهل تخافون من ذلك قالوا كلا

فقال إن الكون كله ( من أقدار من خير أو غيره ) يكون أمام قلب العبد الموحد بالله تعالى كالذرة التي تحركها الريح ]]

{ مقامات أبي سعيد }

٥ - المعرفة هي فناء نفسك ومحق حسك : .

[[ قال أبو سعيد الخراز:-

أول مقام في التوحيد فناء ( أي نسيان ) ذكر الاشياء ( من الكون والدنيا ) عن قلب الذاكر وانفراده بالله عز وجل وحده ]]

{الطبقات الوسطى للشعراني ترجمة الإمام}

٦-. نسيان الذات

[[ قال العارف بالله ابي الحسن الصائغ:-

المعرفة رؤية المنة من الله تعالى عليك في كل الأحوال والعجز عن أداء شكر النعم من كل الوجوه والتبري من الحول والقوة في كل شيء]]

{ تذكرة الأولياء ترجمة الإمام}

٦ - تتعبد وتعمل لله وليس لطلب شئ :-

( اي لا تطلب به الوصول لشئ فتعبد ربك ولا تجعل العبادة علة للوصول لشئ أو تعطي من مال وتخدم الناس بالجاه والمنصب للوصول إلي رضي ربك

وإنما هو فضل الله تعالى يعطيه من يشاء بعلة أو بغير علة فكن عبدا لله وليس عبد العلة أو عبد الطلب )

يري ويعلم يقيناً أن المنة والفضل من الله تعالى عليه في كل الأحوال وأنه عاجز عن أداء شكر المنعم من كل الوجوه والتبرؤ من الحول في كل شيء.

وأن كل عمل وعبادة وقول صالح بفضل الله تعالي عليه فلا يدخل الي نفسه الكبر والعجب وتعلم أن رضي الله عليك ودخوله جنته برحمته وفضله وليس بعملك

٧ - من عرف ربه يتحمل الخلق ولا يحزن :-

قال العارف بالله أبو بكر الواسطى:-

أعظم وأفضل الأخلاق هو ألا تخاصم ولا تخاصم من شدة معرفتك بالله تعالى

{ تذكرة الأولياء للعطار ترجمة الواسطى والتستري }

وقال أبو بكر الشبلي:-. من عرف الله لا يحزن

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم . وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد . وعلى اله وصحبه أجمعين. . . والي الجزء الخامس والاخير من هذا الباب