حديث النبيﷺ يَزالُ أحَدُكُمْ في صَلاةٍ ما دامَتِ الصَّلاةُ
أحاديث المعاملات

الحضور في الصلاة وخارجها روي عن حضرة النبيﷺ المَلائِكَةُ تُصَلِّي علَى أحَدِكُمْ ما دامَ في مُصَلّاهُ، ما لَمْ يُحْدِثْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ له، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، لا يَزالُ أحَدُكُمْ في صَلاةٍ ما دامَتِ الصَّلاةُ تَحْبِسُهُ، لا يَمْنَعُهُ أنْ يَنْقَلِبَ إلى أهْلِهِ إلَّا الصَّلاةُ.
( متفق عليه عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه)

الإشارة الأولي:-

أن الملائكة في اهتمام وحضور من اجلك تدعوا لك فالاولي منك أدبا مع الله تعالى الذي أمرهم بذلك إلا تنشغل بغير الذكر أو الصلاة أو الدعاء أو العلم فمن جلس يتكلم ويلهو بأي شيء من أمور الدنيا فقد اقترفت سوء أدب مع ربك الذي ارسل اليك رسل رحمة من الملائكة من اجلك وأنت غير مهتم بذلك

ولذلك كثير من العباد الذين يفهمون ذلك إذا وجدوا المسجد أصبح كالسوق فيه لغط ولغو لا يجلسون فبمجرد أن ينتهي الإمام من الصلاة يخرجون بسرعة من المسجد خوف من سخط الله تعالى عليهم بما يحدث بعد الصلاة

الإشارة الثانية:-

أن دعاء الملائكة لك لا يتوقف علي المسجد بل إذا كنت في مكان طاهر تصلي فيه فلك نفس الفضل بالدعاء لك واذا جعلت في بيتك مكان للصلاة لك ايضا نفس الفضيلة لانه قال في الحديث مصلاه ولم يقل المسجد فكل بقعة تصلي فيها لها نفس الحكم. كما قال حضرة النبيﷺ وجعلت لي الأرض مسجداً وطهورا

الإشارة الثالثة:- أن الدعاء هنا خصص بالمغفرة ثم الرحمة ولم تدعوا بدعاء آخر من العافية أو الستر أو سعة الرزق...الخ لان العبد لا يخلوا من فعل ذنب بين الصلاة والصلاة الأخري سواء كان ذنب عمد أو خطأ أو سهو أو غفلة من قول وعمل فأصبح الذنب قد يكون حجاب عن الرحمة ودعاء الملائكة مستجاب فيغفر لك ثم تكون اهلا للرحمة .

ودعاء الملائكة:- ضمن معاني حديث حضرة النبيﷺ الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ. رواه مسلم عن سيدنا أبي هريرة. فالصلاة ذاتها إذا كانت صحيحة بشروطها وأركانها كانت سبب المغفرة ودعاء الملائكة سبب المغفرة ووجود صالحين في الجماعة سبب المغفرة لذلك اهتم حضرة النبيﷺ بحضور الجماعة في المسجد

الإشارة الرابعة:-

قوله ﷺ لا يَزالُ أحَدُكُمْ في صَلاةٍ ما دامَتِ الصَّلاةُ تَحْبِسُهُ

[[ قال العارف بالله الشعراني :- بعضهم من يشترط في صحة الصلاة الحضور مع الله تعالى فيها من أولها إلي آخرها بحيث لا يخطر شئ من الكون علي باله ومنهم من لا يشترط في صلاته ذلك وإنما اشترط حضوره في أكثرها فقط ومنهم من يسامح في الغفلة في قيراط من أربعة وعشرين قيراطاً، ومنهم من لا يسامح بذلك وهكذا.

ومنهم من يستمر معه الحضور إلى سلامه من الصلاة، ويزول حالة حضوره مع ربه بعد خروجه من صلاته ومنهم من يستمر الحضور بعد الصلاة درجة، ومنهم من يستمر حضوره درجتين، ومنهم من يستمر إلى دخول وقت الصلاة التي بعدها كما مرت الإشارة إليه، وهو مـقـام الملامتية، الذي ورثوه عن الإمام أبي بكر الصديق .

وقال علي الخواص:- من استمر حضوره بعد سلامه من الصلاة إلى دخول وقت الصلاة التي بعدها، فهو من الذين على صلاتهم دائـمـون . ويؤيده حديث النبيﷺ إن أحـد كـم فـي صـلاة مـا انـتـظـر الصـلاة»

  • ما المراد بالذين هم على صلاتهم يحافظون*

هم الذين إذا حـصـل عنـد أحـدهـم عـقـله عن ربـه افـتـتـح صلاته حضوراً مع الله تعالى .

فقلت له فإذا استمر حضوره مع ربه بعد سلامه من الصلاة إلى الصلاة التي بعدها ؟ فانه في تلك الحالة لا يطالب بكثرة النوافل لأنه لا معنى للقيام والجلوس. فقال الإمام :- نعم لأن جميع العبادات ما شرعت بالأصالة إلا ليحضر العبد فيها بقلبه بين يدي الله عز وجل فإذا حصل الحضور بين يدى الله تعالى فلا ينبغي إحداث ركوع، أو سجود، أو غيرهما، إلا بإذن من الشارع ﷺ ( من فرائض وسنن راتبة )

كما إذا كان في حضرة المراقبة لله عز وجل فإذ أقيمت لصلاة الظهر مثلا فمن الواجب الصلاة بالركوع والسجود، ولا يجوز له أن يترك ذلك،

ولذلك تجد نوافل أكابر الرجال في الأفعال الظاهرة قليلة ولم يظهروا لأتباعهم منها إلا بقدر ما يعلمون قدرتهم عليه وكتموا عنهم. ما علموا لعجزهم عن ذلك

( لكن ) غالب الناس ممن لا ذوق له في طريق الـقـوم يفضل العباد الذين يكثرون من الـقـيـام والصلاة والصيام ( من النوافل ) على كثير من العارفين وغاب عنهم أن كل ذرة من مراقبة العارف بين يدي الله عز وجل أرجح من أمثال الجبال من علم أولئك الـعـبـاد إلا من من حـصـل له دوام الحـضـور والشـهـود دائماً إلى الله عز وجل.

فمثل هذا تكون عـبـادته الـفعـلـيـة ( من صلاة وصيام .. الخ) أو القولية ( من تلاوة وذكر ) أرجح في حقه من الأعمال القلبية ويتلذذوا بنعيم مشاهده ربهم بقلوبهم في تلك العبادات ويشكروه على أنه وفقهم لأن يقفوا بين يديه فإن ذلك أعظم نعيم في الدارين

    * من اسباب نوافل الصلوات "

واعلم يا أخى أن رسول الله ﷺ : ما شرع النوافل لأمته لأنه علم عـدم طـاقـاتـهـم على دوام الحضور مع الله تعالى من صلاة الفريضة إلى دخول وقت الصلاة التي بعدها. فـشـرع لهـم النوافل بين كل صلاة وصلاة، مصلحة لـهـم اسـتـجـلاباً لشهـودهـم ربهـم بـعـد نزول ذلك الحـجـاب الذي وقع لهـم بـعـد سلامهم من الصلاة .

وكذلك شرع لهم قيام الليل، وصلاة الضحى لبعد الزمان الذي بين صلاة العشاء والصبح، وبين الصبح والظهر وكان وجوب مثل ذلك على سول الله ﷺ وجوب رحمة وشفقة وزيادة اعتناء بوقوفه، ﷺ بين يدي ربه لأن النبيﷺ هو رأس أهل الحضرة الإلهية لا يصح منه تخلف عنها في ليل أو نهار لأن ذلك سبباً في نعيمه ﷺ والألف سنة عنده في حضرة ربه تكون كلمح البصر

وأيضاً : فليقتدي المنتدى به كل مسلم في أي وقت شاء حتي لا يطول زمن الحجاب على أمـتـه ولـيـعـظم ثوابه ﷺ بكثرة نوافل أمـتـه فـإنها كلها في صحائفه ﷺ . ( لأنه هو الذي شرعها وأمرهم بها ومن سنته)

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين