حديث النبي عن أسرار الكرم والبخل
جواهر العارفين في الحديث والقرآن المبين

من جواهر العارفين في الحديث والآيات القرآنية ج ١١

الكرم ثقة بالله تعالى والبخل شك فيه عز وجل

روي عن الزبير رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

يا زبير إن الله يحب الإنفاق ويبغض الإقتار فكل وأطعم ولا تقتر فيقتر عليك ولا تعسر فيعسر عليك. وإن السخاء من اليقين والبخل من الشك ولا يدخل النار من أنفق ولا يدخل الجنة من أمسك

( رواه القضاعي والسيوطي بنحوه )

اقوال العارفين في ذلك:-

  • الوجه الأول في الحديث :-

إذا كنت علي يقين وثقة بربك وأن خزائنه لا تنفد فلا تبخل علي خلق الله تعالى من قريب أو بعيد صديق أو عدو

كما قال حضرة النبي ﷺ لسيدنا بلال يا بلال أنفق ولا تخشي من ذي العرش اقلالا

  • الوجه الثاني في الحديث:-

لعلك تقول كان النبي. ﷺ يدخر قوت سنة فأين الكرم والثقة بالتوكل علي الله الجواب

أن النبي ﷺ قدوة لضعيف الإيمان قبل القوي ومع ذلك فكانت الدنيا في يده لا في قلبه

فكان الطعام الذي يدخره لأهله لا يمر عليه ايام إلا وينفد بسبب عطائه للناس فكان يعطي عطاء من لا يخشي الفقر كيف يخشي الفقر وربه مولاه وكفيله

  • الوجه الثالث في الحديث:-

ليس الزهد أن تترك الدنيا وتعيش عالة علي الناس بل الزهد أن تملك الدنيا ولا تملكك وان تكون في يدك لا قلبك

كما روي عن حضرة النبي ﷺ

ليس الزهد بتحريم الحلال ولا بإضاعة المال إنما الزهد أن تكون بما في يد الله أوثق بما في يدك

( رواه البيهقي في شعب الإيمان )

فتعطي وتتصدق وتزكي دون خوف زهدا فيما تملك ثقة بالله تعالى الذي أعطاك وجعلك تملك ما ليس لك

  • وقال الإمام عبد العزيز الدباغ:- كل عمل لغير الله تعالى يقطعك عنه وفيه وسواس -

وكل ما تعمله  بقصد الأجر والحسنات فهو عمل لغير الله تعالى ولا بد أن يعرض فيه الوسواس  مثلا :-

تقول في نفسك إذا تصدقت بنية الأجر  والحسنات فتقول في نفسك لعل المتصدق عليه ليس أهلا للصدقة  وإن كان أهلاً  للصدقة فلعل هناك من هو أولى واحق بها منه وأقرب إلى الله تعالى فى قبولها

ثم يذداد وسواسك بقولك وهل قبلها الله منى أم لا ؟ وكل عمل دخله وسواس فلا نصيب فيه لله تعالى  لأن الوسواس من الشيطان

والشيطان لا يقدر على القرب من العمل الذي هو لله سبحانه وتعالى  خالصاً

وإذا تصدقت ولكن ليس  بقصد الأجور والحسنات ولكن بقصد القرب من الله تعالى فهذا أيضاً  يضرك لانه بقصد القرب

وطلب القرب علة من العلل والعمل لأجله إنما صدر منك لغرض من الأغراض .

وإنما معنى العمل يكون لله خالصاً عند أهله هو أن تعلم  ما ربك عليه من أوصاف الجلال والكمال والكبرياء والعظمة  وماله عليك من النعم التي لا تعد ولا تحصى

فتري ربك  أهلا لأن يخضع له ومستحقاً منه ولا يخطر ببالك حظ من الحظوظ

فإذا تأملت ما قلناه علمت أن العمل للأجور قاطع عن الله تعالى وعن القيام بحقوقه ولهذا كان لا يزيد صاحبه إلا بعداً من الله عز وجل

أما إذا عبدت الله تعالى لكونه أهلا لذلك فلا يمكن أن يدخل عبادتك وسواس فإذا عملت عملا كالصدقة وأن المال مال الله تعالى ولا ترى لنفسك شيئًا أصلا فتكون الصدقة أحسن ما يكون

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .

  • المراجع:- .

  • مسند القضاعي والدر المنثور لجلال الدين السيوطي

  • شعب الإيمان للبيهقي والالوسي في تفسير روح المعاني سورة المائدة آية ٩٤

  • الابريز لعبد العزيز الدباغ لاحمد بن المبارك . وإلي الجزء ١٢ من جواهر العارفين:- .