حديث خلع النبي نعله للصلاة
الأحاديث الفقهية

روي عن حضرة النبيﷺ إن النبي ﷺ صلي فخلع نعليه فخلع الناس نعـالهم، فلما انصرف قال لهم لـم خلعتم؟ قالوا رأيناك خلعت فخلعنا فقال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثا ( قاذورات اوي شئ مستقذر ) فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما فإن رأى خبثا فليمسحها بالأرض ثم ليصل فيهما { رواه الإمام أحمد وأبو داود عن أبي سعيد}

البيان:- قال جمهور العلماء: إن المراد بالقذر هو الشيء المستقذر كالمخاط والبصاق ونحوهما، ولا يلزم من القذر أن يكون نجسا. انتهى. وفي كشف الغمة»: عن ابن عمر أنه صلى مرة فوجد في ثوبه دما، فوضعه ومضى في صلاته، انتهى. فيحمل على أن ذلك الدم من القليل المعفو عنه الذي لا يبطل الصلاة، وإنما وضعه تنزها عنه. { نيل الاوطار للشوكاني والفقه على المذاهب الأربعة }

التأويل:- لا يلزمك البحث ومراقبة ربك هل قبل منك الصلاة أم لا وانما الواجب عليك الأخذ بشروط صحة الصلاة فإذا أتيت باركانها واقوالها وهيئاتها فإن القبول ارجي عند الله تعالي فحسن الظن بالله تعالى درجة من درجات اليقين بالله ورحمته .

الكلام هنا لمن يبحثون عن الكمال العالي ظاهرا وباطنا ففعل حضرة النبيﷺ لعله يشير إلي صحة الصلاة ظاهرا والي القبول باطنا. فإذا كانت الصلاة تحتاج إلي الكمال بلا نقص فالاولى منك أن تطهر الخبث من باطنك وظاهرك .

فكيف تقف بين يدي ربك وأنت في قلبك الصفات الخبيثة وفي ظاهرك الأفعال الخبيثة التي لا تحاول ولم تحاول التوبة منها إذا كان سيدنا جبريل أمر النبيﷺ أن يطهر نعله من خبث الشوارع فكيف بخبث الباطن والجواح الذي يؤثر علي كمال الصلاة وحجابا بينك وبين ربك

فخبث القلوب مثلا :- منه :- الحقد والحسد علي ما أنعم الله تعالى به علي عباده ولم يكن لك . أما علمت أنه مقسم الأرزاق يعطي ويمنع ما يشاء وإن الرزق ليس بالمال فقط بل بالزجة الصالحة ووجود الام والاب من أعظم الرزق لعبده بشرط رضاهم عليك والذرية التي لم تكن لغيرك وعافيتك وصحتك بل كونك عبدا لله وليس لغيره وكونك مسلم وكونك من أمة سيدنا محمد ﷺ. كل هذه النعم عندك او بعضها لكن الكل مشترك في نعمة العبودية لله وحده والإسلام وأنك من أمة المصطفي فكيف تحقد وتحسد وتبغض وانت بين يدي الله تعالى كيف يتقبل وقلبك ممتلئ بهذا الخبث

ومن الخبث الكراهية والهم والحزن:- إذا نزلت بك مصيبة من مرض لك ولزوجتك أو أولادك أليس هذا مراد ربك وفعل ربك وهل يفعل بك إلا ما هو صالح لك ولاهلك هل تظن ولو لحظة أن هناك في الوجود من هو أحن من الله عليك وارحم بك .

أو لكراهية والهم والحزن:- إذا سلط ربك عليك من كان سببا في نقص رزقك ومرتبك ومعاشك أو طردك من عملك . مع أن النافع والضار والعاطي والمانع هو الله والخلق ليس بقدرتهم شئ . وهل يجري في ملكه ما لا يريد .

فلعل المال الذي نقص كان عقوبة وتكفير من ذنب فعلته أو من زكاة وصدقة واجبة عليك وكنت بخيلا بها علي عباد الله .

أو أن الله تعالي كتب في علمه ان رزقك في مكان آخر فلابد من غلق باب الرزق الذي انت فيه حتي تسعي إلي ما قدره لك وفيه الخير أكثر وحلال صرف . فيسلط عليك من يكون سببا في طردك من العمل أو تقع في خطأ بالعمل فيكون سببا لذلك حتي تذهب الي ما قدره له . فكيف تكره العمل والأشخاص الذين جعلهم ربك سببا لكي تذهب الي رزق آخر بمكان اخر لعله فيه مشقة ولكنه افضل لك دنيا وآخرة وأنت لا تدري

فإن لم تفهم ذلك يظل قلبك ساخط كاره حزين علي المكتوب فكيف يتقبل منك العبادة وقلبك رافض لأمر من تعبده وتقف بين يديه رب العباد

وأما خبث الظاهر :- منه الغيبة والنميمة والسخرية بالناس والتعرض بالاذي لهم في مال وعرض وسمعة واستهزاء ومالك فيه الحرام أو شبهة الحرام ولا تتورع عن ذلك وتنظر بعينك الي ما حرم الله تعالى وتصلي وتعود الي حالتك كما هي دون تغيير . فكيف تكون الصلاة كاملة بل وأصبح عدم قبولها فيه شك كبير وأنت علي حالتك تلك لم تغيرها

الجاهل من طهر نعله وثوبه للصلاة ولم يطهر قلبه وجوارحه لرب العالمين

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين