عصمة بيت النبوة المقدمة ج٢
عصمة الأنبياء

  • عصمة بيت النبوة المقدمة ج ٢ *

  • ١- ما يجب في حق الرسل الكرام:-

الصدق و الأمانة والتبليغ والعصمة والفطنة

  • ٢- المستحيل فى حقهم: الكذب والخيانة وعدم التبليغ

  • ٣- وما يجوز في حقهم:-

الأعراض البشرية من زواج واكل وشرب ونوم وموت ومرض لكن المرض الذي لا يؤثر علي العقل والقلب الذين هما محل تنزل الوحي عليهما .

              * البيان بإيجاز   * 
  • الصدق :-

الصدق وهو مطابقة خبرهم للواقع ودليل وجوبه أنهم لو لم يصدقوا للزم الكذب في خبره تعالى لتصديقه لهم بالمعجزة النازلة منزلة قوله تعالى: (صدق عبدي في كل ما يبلغ عني) وتصديق الكاذب كذب وهو محال في حقه سبحانه وتعالى فبالتالي عدم صدقهم محال . .

  • الفطنة: -

التفطن والتيقظ لإلزام الخصوم وإبطال دعاويهم ودحض حججهم ودليل وجوبها أن من لم يكن فطناً لا يمكنه إقامة الحجة ولا المجادلة

قال الله تعالى ﷽.
{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ}.

وقال تعالى: ﷽ {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.

فاللائق بمنصب النبوة أن يكون عندهم من الفطانة ما يستطيعون به إقامة الحجة علي الخصم على تقدير وقوع جدال معه

فالواجب في حق الأنبياء والرسل كمال الفطنة لأنهم شهود الله تعالى على عباده والشاهد لابد أن يكون ذو فطنة وعقل راشد .

  • الأمانة والتبليغ :-

أي امانتهم فيما يخص المعاملات من حفظ الحقوق للناس مادية أو معنوية قريب لهم أو بعيد معروف أو غريب ..الخ

وكذلك امانتهم فيما أنزل عليهم من الحق سبحانه وتعالى بخصوص المنهج الرباني وتبليغهم لما جاؤوا به عن الله تعالى واجب بقيد أن يكون مما أمروا بتبليغه للخلق بخلاف ما أمروا بكتمانه أو ما خيروا فيه

ودليل وجوب التبليغ أنهم لو كتموا شيئاً مما أمروا بتبليغه للخلق لكنا مأمورين بكتمان العلم إذ أننا مأمورون بالاقتداء بهم.

بل إن كاتم العلم ملعون فيلزم من ذلك أنهم لا يكتمون. كما روي عن حضرة النبيﷺ :-

"مَنْ سُئلَ عَنْ عْلمٍ فَكَتمهُ ألِجْمَ يوم القيامة بِلِجَامٍ مِنْ نَارِ"

وقال النبي ﷺ أيضاً

"من كتم علماً مما ينفع الله به الناس في أمر الدين ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار".

فإذا لم يبلغوا ما أمرهم به الحق سبحانه وتعالى فيكونون حينئذ قد خانوا الأمانة وتبليغها للناس والخيانة مستحيلة في حقهم علي نبينا وعليهم الصلاة والسلام. .

  • العصمة :-

هي حفظ ظواهرهم وبواطنهم عليهم الصلاة والسلام من التلبس بمنهي عنه ولو نهي كراهة أو خلاف الأولى فأفعالهم دائرة بين الواجب والمندوب وهي خاصة بالنبوة والرسالة أما الولاية فلها الحفظ وليس العصمة

والعصمة واجبة للأنبياء والرسل من أول الولادة إلى آخر العمر وأما من قال أنها تجب لهم في زمن النبوة فقط لكن قبل النبوة فهي غير واجبة فهو غير صحيح

والمعتمد عليه عن جمهور العلماء أنهم معصومون قبل النبوة وبعدها فلا يصدر منهم ذنب لاستحالة صدور كل ما ينفر عنهم قبل النبوة ومعصومون أيضاً من الكبائر والصغائر عمداً.

قال تعالى ﷽ {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}

فكل رسول مولوداً على الاستعداد التام لأن يكون رسولاً فلذلك كانت ولايته قبل النبوة غير مكتسبة برياضات بل بفضل من الله تعالى كرسالته بعد ذلك

ولقد أمرنا الله سبحانه وتعالى قد أمرنا باتباعهم في أقوالهم وأفعالهم إلا ما كان خاصاً بهم فقط وليس للأمة أن تقتدي بهم فيما هو خاص بهم ولهم كالزواج باكثر من أربعة وقيام الليل فرض عليهم وليس علي أمتهم وغير ذلك.

قال عز وجل: ﷽ {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي}

فو جاز علي الأنبياء فعل المعصية والمكروه لجاز للأمة اتباعهم في ذلك وهذا مستحيل في حق الأنبياء

والله تبارك وتعالى لا يأمر بمحرم ولا بمكروه ولا بخلاف الأولى في حق العامة فكيف بالنبوة

الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - معصومون في زمان النبوة وقبل النبوة عن الكبائر والصغائر لأن الله سبحانه وتعالى اصطفاهم من الأزل

فإذا كان الأولياء الذين اصطفاهم الحق منذ الأزل حفظهم الله تعالى وليسوا بمعصومين كالانبياء فقد حفظهم وهم في بطون أمهاتهم وفي صغرهم وقبل ظهور الولاية وبعدها فكيف بالنبوة بل هي أولي وأولي

*. قال عبد الوهاب الشعراني:-

الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كلهم معصومون لا يصدر منهم ذنب ولو صغير سهوًا، ولا يجوز عليهم الخطأ في دين الله تعالى قطعا

وبذلك قال أبي إسحاق الإسفرائيني و الشهرستاني والقاضي عياض والشيخ تقي الدين السبكي، وغيرهم.

.وإل * عصمة بيت النبوة المقدمة ج ١ *

في هذه المقدمة قبل. الكلام علي عصمة كل نبي قدح فيه المتهالكون بين مثقف جاهل ومتعصب جاحد ومستشرق مدعي العلم وليس له من العلم الا فلسفة عقيمة نتكلم علي عدة اصول مهمة في باب العصمة

وهي إجمالاً قبل البيان :-

  • معنى النبي والرسول وأنواع النبوة
  • ما يجب وما يجوز وما يستحيل في حق الأنبياء
  • بيان العصمة من السهو والنسيان وغياب العقل ...الخ
  • سبب إرسال الرسل للعباد
  • هل النبي المرسل له أثر في سعادة العباد
  • لماذا تكون لكل نبي معجزة ولما اختلفت المعجزات
  • ما هي المعجزة وهل كل معجزة للنبي جاز أن تكون كرامة للولي
  • لماذا يبعث الأنبياء في سن الأربعين
  • بعد الانتهاء من المقدمة يبدأ الكلام في عصمة الأنبياء وما دار حولهم من شبهات باذن الله تعالى . . * البيان والتفصيل * .
  • اولا :- معنى النبي:-

هو وحي من الله سبحانه وتعالى لمن اختصهم بالنبوة بشيء من العلوم والمعارف وهذا يسمى إنباء أي أن الله أنبأ هذا النبي بأمر ما .

  • قال العارف بالله أحمد الطاهر الحامدي :-

النبي  إنسان ذكر حر سليم عن كل منفر طبعاً ( في الخلقة والخلق )  أوحي إليه بشرع  فإن أمر بتبليغه فهو رسول أيضا فإن أمر بالحكم بين الناس فهو خليفة أيضا  فليس كل نبي رسولاً ( وكل رسول نبي ).

{ الكشف الرباني للحامدي }

والنبوة ثلاث أنواع النوع الأول :-

قد تكون بشريعة وهذه الشريعة قد تكون مبتدأة كاملة من عند الله لهذا النبي

النوع الثاني :-

قد تكون تابعة لرسالة نبي من الأنبياء السابقين لكي يستمر الناس في منهجه دون زيادة أو نقصان

النوع الثالث:-

وقد تكون مكملة لرسالة النبي السابق عليه مع زيادة بعض الأحكام التي أرسل الله بها إليه.

كما في رسالة سيدنا عيسى -عليه السلام- فهي رسالة مكملة لشريعة موسى -عليه السلام- مع زيادة بعض الأحكام التي أتى بها عيسى.

كما قال الله تعالى

﷽ { وَمُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ ‌وَلِأُحِلَّ ‌لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيۡكُمۡۚ وَجِئۡتُكُم بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } .

وبمجرد نزول الوحي على النبي المختار من عند الله يكون نبيا لكن لا يشترط أن يكون مأمورا بتبليغ هذا الوحي لغيره .فكل رسول نبي وليس كل نبي رسول

  • معني الرسول :- :-

الرسول رجل مختار من عند الله تعالى أوحى الله إليه بوحي وأمره بتليغ هذا الوحي لغيره وهذه الرسالة ناسخة لمن قبله من الرسل

وقد يكون فيها بعض ما أنزل للرسل السابقين لكن الرسالة الجديدة هي الناسخة لما قبله كما نزل القرآن فنسخ التوراة والإنجيل والزبور وصحف سيدنا ابراهيم وفي القرآن بعض ما أنزل الله فيما سبق من الكتب

كقوله تعالى :-

﷽ { ﴿أَمۡ لَمۡ یُنَبَّأۡ بِمَا فِی صُحُفِ مُوسَىٰ . وَإِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ ٱلَّذِی وَفَّىٰۤ . أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةࣱ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ . وَأَن لَّیۡسَ لِلۡإِنسَـٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ . وَأَنَّ سَعۡیَهُۥ سَوۡفَ یُرَىٰ . ثُمَّ یُجۡزَىٰهُ ٱلۡجَزَاۤءَ ٱلۡأَوۡفَىٰ . وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلۡمُنتَهَىٰ... الآيات ( سورة النجم ) }

أي أن مضمون هذا الكلام في الآيات السابقة وما ذكره المولي عز وجل كذلك في سورة الأعلي ( لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ) .

لكن الهيمنة للقرآن الكريم والعمل بما فيه وليس بما نزل في الكتب السابقة لأنه ناسخ لما قبله وقد يكون في شرعنا ما كان في شرع من قبلنا ولكن الفرق اتباع النبي ﷺ ومنهجه بما لا يخالف شرعنا

كما قال تعالى : - ﷽ { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ ( سورة المائدة ) }

. فمن تبع سيدنا محمد ﷺ بالقران والسنة معا فهو من الناجين والمفلحين ومن تركه واتبع غيره سابقا أو حتي لاحقا فهو ضال وعلي باطل لأن الرسالات ختمت بالقران والنبوة والرسالة ختمت بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فلا نبي ولا رسول بعده

  • وأما نزول سيدنا عيسى في آخر الزمان كما جاءت به الأحاديث الصحيحة والتي أكدها ووضحها العلامة عبد الله بن الصديق الغماري في كتابه إقامة البرهان على نزول عيسى في آخر الزمان. يبين احاديث الأئمة الكبار البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم

فنزول سيدنا عيسى كواحد من أمة النبي ﷺ وليس رسولا فيكون نبيا تابعا للنبي ﷺ ولا يأتي برسالة جديدة

بل يقيم شرع سيدنا محمد ويمشي بين الناس بمنهج النبي ويقتل الخنزير ويكسر الصليب ويفرض الجزية ويقيم العدل بين الخلق ...الخ .

فسيدنا عيسي رسول زمانه لكن في اخر الزمان يكون نبيا وصحابيا تابعا للنبي ﷺ لأنه يحكم بالقرآن الكريم والسنة المحمدية الشريفة سنة النبي العدنان ﷺ صلي الله تعالى عليه وعلي جميع الأنبياء والمرسلين .

وإلي الجزء الثاني من المقدمة :- .