عصمة بيت النبوة المقدمة ج ٤
عصمة الأنبياء

  • عصمة بيت النبوة المقدمة ج ٤ *

  • الجائز فى حقهم عليهم السلام *:

 يجوز عليهم سائر الأعراض البشرية التي لا تؤدي إلى نقص في مراتبهم العلية كالمرض، ومنه الإغماء إلا أنه قيد بالإغماء غير الطويل

بخلاف الجنون قليله وكثيره لأنه نقص وبخلاف الجذام والبرص والعمى وغير ذلك من الأمور المنفرة

ولم يثبت أن سيدنا شعيباً كان ضريراً وأما ما كان لسيدنا يعقوب من العمي فهو عارض بسبب الحزن علي فراق سيدنا يوسف.

فهو حجاب على العين من تواصل الدموع ولذلك لما جاءه البشير عاد بصيراً وما كان بأيوب من البلاء لم يكن منفراً للطبع وما اشتهر عنه من الحكايات المنفرة فهي باطلة من فعل اليهود. .

  • الأعراض البشرية في حق الأنبياء وبيانها :-

  • السهو :- .

فممتنع عليهم في الأخبار البلاغية وغير البلاغية وجائز عليهم في الأفعال البلاغية وغيرها للتشريع،

كالسهو في الصلاة لكن سهوهم لم يكن ناشئاً عن اشتغالهم بغير ربهم وفي ذلك قال بعضهم:

قد غاب عن كل شيء سرُّه فسها

عما سوى الله فالتعظيم لله

  • وأما النسيان :-

فهو ممتنع في البلاغ عن الله تعالى قولية كانت أو فعلية وأما بعد التبليغ فيجوز نسيان ما ذكر على أنه من الله تعالى أما نسيان الشيطان فمستحيل عليهم إذ ليس لإبليس عليهم من سبيل

وقول سيدنا يوشع ﷽ "وما أنْسانِيْهُ إلاّ الشَّيْطانُ"

فهو تواضع منه أو قبل نبوته وعلمه بحال نفسه وإلا فهو رحماني بشهادة قوله تعالى : ﷽

{ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً}

ووسوسة الشيطان لآدم بتمثيل ظاهري والممنوع في حقهم سلطانه على بواطنهم وظاهرهم

وبالجملة فيجوز على ظواهرهم ما يجوز على البشر مما لا يؤدي إلى نقص وأما بواطنهم فمنزهة أبداً متعلقة بربهم.

كما روي عن معروف الكرخي :

[[ كان يقول لي ثلاثون سنة في حضرة الله ما خرجت منها فأنا أكلم الله والناس يظنون أني أكلمهم. ]]

فإذا كان هذا حال أحد أتباع أمة النبي ﷺ فما بالك بالأنبياء خصوصاً سيد العالمين سيدنا محمد ﷺ

{ الكواكب الدرية والمنن لإبن عطاء الله السكندري } .

  • وأما قضية سحر النبي :-

فإن السحر كان يؤثر في بدنه لكن عقله وقلبه محفوظ وهذه الحادثة بيان لنبوته واثباتا لرسالته فاليهود لم يخبروا أحد بما فعلوه

فلما عرفه سيدنا جبريل بما حدث وحدد له مكان السحر داخل بئر عرف اليهود حينها أنه نبي ويوحي إليه من قبل الله تعالى فكان هذا الحدث من علامات نبوته ورسالته .

  • سبب إرسال الرسل :-

أعلم أن الرُّسل لم يأتوا لإثبات وجود الله تعالى تعالى بل أرسلهم المولي سبحانه وتعالى لسببين:-

السبب الأول:-

ارسلت الرسل لتوحيد الله عز وجل ونفي الآلهة المتعددة التي عبدوها الخلق من الملحدين والمشركين وجميع الملل والطوائف لأن المولي عز وجل قال :-

﴿ وَلَبِن سألتهُم مِّن خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ الله فَأَن يُؤْفَكُونَ ﴾ [ العنكبوت ].

فجميع الديانات والملل اختلفوا في المسمي ولم يختلفوا في الاسم ( الله ) فالكل يعبد المولي ولكنهم كفروا من حيث الوسيلة والطريقة التي عبدوا بها رب العالمين لكنهم كلهم بلا استثناء يعرفون أن الوجود له إله وأنه موجود لا محالة.

[[ وانظر الي الزنوج فنجد قبيلة «الماو ماو» مثلا يؤمنون بإله يسمونه «موجابى » ويصفونه بأنه إله واحد أحد لم يلد ولم يولد وليس له كفو ولا شبيه.

وأنه لا يُرى ولا يُعرف إلا من آثاره وأفعاله وأنه خالق رزاق وهاب رحيم يشفى المريض ويُنزل المطر ويسمع الدعاء ويصفونه بأن البرق خنجره والرعد وقع خطاه.

أليس هذا الـ «موجابى » هو إلهنا بعينه ومن أين جاءهم هذا العلم إلا أن يكون في تاريخم رسول و مبلّغ جاء به ثم تقادم عليه العهد كالمعتاد فدخلت الخرافات في ديانتهم والشعوذات فشوهت هذا النقاء الدينى

وفى قبيلة «الشيلوك» يؤمنون بإله واحد يسمونه «جوك»، ويصفونه بأنه خفى و ظاهر وأنه فى السماء وفى كل مكان وأنه خالق كل شيء.

وفى قبيلة «الدنكا» يؤمنون بإله واحد يسمونه نيالاك وهي كلمة ترجمتها « الذى في السماء» أو «الأعلى».

هذه العقائد ما هي إلا سوى الإسلام وما هي إلا رسالات كان لها في تاريخ هؤلاء الأقوام رُسل إن الدين لواحد.]]

{ حوار مع صديقي الملحد لمصطفى محمود}

السبب الثاني:-

لمعرفة الإنسان لماذا خلقه الله تعالى ولكي يعيش في دنياه بهدف سامي وبناء صرح فكري وأخلاقي والا أصبح الانسان مثل الحيوان

[[ قال العارف بالله علي الخواص:-

لو أن العقول استقلت بأمور سعادتها لكان وجود الرسل عبثاً فإن كل إنسان يجهل بالضرورة ما له وما عاقبته وإلى أين ينتقل ويجهل سبب سعادته إن سعد أو شقاوته إن شقي

كل ذلك لجهله بعلم الله فيه وما يريده به ولماذا خلقه فهو مفتقر بالضرورة إلى التعريف الإلهي بذلك

فما عرف الخلق كلهم موازين أعمالهم طاعة كانت أو معصية إلا مما جاءت به الرسل علي نبينا وعليهم الصلاة والسلام . { الجواهر والدرر للشعراني ) . . وإلي الجزء الخامس من المقدمة:- .