عصمة بيت النبوة سيدنا آدم ج٣
عصمة الأنبياء

  • عصمة بيت النبوة سيدنا آدم. ج٣ * .

  • هبوط آدم لا يقلل من مكانته عند ربه *

قال الحق سبحانه ( فاهبط مِنهَا ) أي أن الهبوط لا يستدعى مكاناً أعلى ومكانا أسفل وفرق بين هبوط المكان وهبوط المكانة

لذلك عندما قال الحق سبحانه وتعالى لبنى إسرائيل { اهْبِطُوا مِصْرًا ﴾ [ سورة البقرة }

لم يكن بنو إسرائيل يعيشون في مكان في السماء بل كانوا فوق الأرض .

وعندما قال الله تعالى لنوح : ﷽ { وقِيلَ يَننُوحُ أهبط يسلام مِنَّا وَبركات عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّن مَّعَكَ ﴾ [هود ]

كان يعنى الهبوط من السفينة ولا يقتضى ذلك النزول من مكان أعلى إلى مكان أدنى

وعلى أية حال فإن الهبوط قد يكون هبوط ( مكان وليس مكانة ومنزلة وهو لسيدنا ادم )

وهبوط مكانة لإبليس فإبليس كان فى حضرة الملائكة عندما ألزم نفسه بالطاعة ولماء وأصر على المعصية نزل من مكانه الذى كان فيه إلى أسفل السافلين

كما قال سبحانه وتعالى :﷽.

﴿ فاهبط مِنهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتكبر فِيهَا ﴾ [الأعراف ] .

فكأن الله تعالى قد أعطانا حيثية طرد إبليس من رحمته ، فإبليس قد تكبر على أمر الله فالامتناع عن أمر المعبود من العابد هو نوع من الكبرياء على المعبود . ومادام إبليس قد تكبر على أمر الله تعالى ، فهو ليس أهلاً لأى مكانة عالية ،

فكأن طاعة إبليس قبل معصية السجود هى التى أعطته مكانة عالية ومعصية إبليس في أمر السجود هى التى جعلته فى أسفل السافلين

إذن فليس منا من هو له منزلة عالية بذاته ولكن العمل والطاعة هما اللذان يعطيان الإنسان علوا عند الله تعالى والمعصية هي التي تعطيه المنزلة السفلى

قال أبو الحسن الشاذلي :-

يضاف إلى عصمة ادم

قال العارف بالله أبو الحسن الشاذلي :-

سيدنا آدم خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته وأسكنه الجنة نصف يوم، خمسمائة عام ثم حول به إلى الأرض والله ما نزل بآدم إلى الأرض لينقصه ، ولكن نزل به إلى الأرض ليكمله

ولقد أنزله من قبل أن يخلقه بقوله تعالى: (إنى جاعل في الأرض خليفة). وما قال في الجنة ولا في السماء، فكان نزوله إلى الأرض نزول كرامة لا نزول إهانة

فإنه كان يعبد الله في الجنة بالتعريف، فأنزله إلى الأرض ليعيده بالتكليف فلما توفرت فيه العبوديتان استحق أن يكون خليفة

{ لطائف المنن لابن عطاء الله السكندري } .

  • معصية ادم لم تكن عمدا *

المسألة لم تكن مجرد الأكل من الشجرة بل لابد أن إبليس في أول الأمر خدعهما ليقتربا من الشجرة ثم زين لهما ثمارها ثم بعد ذلك أغراهما بالأكل

أى أن المعصية تتم على مراحل وليس على مرحلة واحدة. وتنسج عودا عودا كالحصير ولذلك فإننا لابد أن نتنبه إلى أن اقترابنا من أماكن المعصية لابد أن يوقعنا فيها .

ولذلك قال الله سبحانه وتعالى ﴿ فَلَمَّا ذَاقا ) ولم يقل فلما أكلا الشجرة لأن الأكل يقتضى إعادة المعصية مرات ومرات بينما مجرد التذوق أنها حدثت مرة واحدة فقط

أى أن المعصية لم تتكرر بل حدث التنبه بمجرد حدوثها ولم يكن هناك إصرار على المعصية .

  • لماذا خص استخراج حواء من ضلع آدم *

قال العارف بالله علي الخواص رضي الله عنه :-

استخراجها من الضلع لأجل ما فيه من الانحناء لتحنو بذلك على ولدها وزوجها فحنو الرجل على المرأة حنو على نفسه لأنها جزء منه وحنو المرأة على الرجل لكونها خلقت من الضلع والضلع فيه انعطاف وانحناء

فحب حواء لآدم حب الوطن وحب آدم لها حب نفسه ولذلك كان حب الرجل للمرأة يظهر إذ كانت عينه وكان حب المرأة للرجل يخفى لقوتها المعبر عنها بالحياء فقويت على إخفاء المحبة لأن الموطن لم يتحد بها اتحاد آدم بها.

وقد صور الله تعالى في ذلك الضلع جميع ما خلقه وصوره في جسم آدم فكان نشأة جسم آدم في صورته كنشأة الفاخور فيها ينشئه من الطين والطبخ وكان نشء جسم حواء كنشء النجار فيما ينحته من الصور في الخشب

فلما نحتها في الضلع وأقام صورتها وسوَّاها وعدلها نفخ فيها من روحه فقامت حية ناطقة أنثى ليجعلها محلاً للحرث والزراعة لوجود الإنبات وهو التناسل لذريتهما

فسكن إليها آدم وسكنت حواء إليه وكانت لباسا له وكان لباسا لها وسرت الشهوة منه في جميع أجزائه فطلبها فلما تغشاها وألقى الماء في الرحم

ودار بتلك النطفة دم الحيض الذي كتبه الله على النساء فتكون في ذلك الجسم جسم ثالث على غير ما تكون من جسم آدم وجسم حواء

فهذا هو الجسم الثالث فتولاه الله تعالى بالنشأة في الرحم حالاً بعد حال بالانتقال من ماء إلى نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى عظام ثم كسا العظام لحما فلما أتم نشأته الحيوانية أنشاء خلقا آخر ونفخ فيه الروح الإنساني

﷽ { فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } . وإلي الجزء الرابع من سيدنا آدم :-