عصمة بيت النبوة سيدنا أيوب ج٢
عصمة الأنبياء

  • عصمة بيت النبوة سيدنا أيوب ج٢. * .

  • نتيجة لما سبق ذكره في الجزء الاول :-

( تفهم لماذا اشتكي) سيدنا أيوب ربه في كشف ما نزل به من ضر والرسل عليهم السلام قدوتنا في السلوك فالشكوي لله خضوع وعبادة وأدب مع القهر الإلهي

وليس جزع واعتراض لأن قلوبهم تملؤها السكينة والرضي بمراد الله تعالى فصاحب الحال الجاهل بمقام الابتلاء ( الذي يتجلد ويتشجع علي ربه )

فهو يقاوم القهر الإلهي ولا طاقة له بذلك وحال العبد ( الكامل الذي يعرف ربه هو ) العجز والضعف فافهم يا أخي حقائق الأمور

واعلم أن الشكوى إلى الله نعم الشكوى أما الشكوى لغير الله تعالى فهي مذمومة وتجلدك أمام سطوات الجلال والقهر الإنهى فهو جهل منك ( وعلامة علي ) وجود بقيه من نفسك فيك

.فالله يبتليك لتعرفه وتظهر الخضوع والذل في حضرته لا لتستغنى عنه وتكتفى بخداع نفسك وتسويلها لك أنك قادر وقوى وشجاع

فتخلص من هذه الصفة المذمومة وهى مقاومة للقهر الإلهي واقتد بالرسل عليهم السلام والعارفين المحققين لا بأهل الأحوال الناقصين .

وقال العارف بالله محي الدين ابن العربي:-

إعلم أن حد الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله تعالى سبحانه فظن بعض الناس أن الشكوى تقدح في الرضا بالقضاء وليس الأمر كذلك

فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله تعالى ولا إلى غيره تعالى وإنما تقدح الشكوى في المقضي به ونحن ما طلب منا المولي إلا الرضي بالقضاء لا الرضي بالمقضي به والصبر هو المقضي به ما هو عين القضاء

.فلما علم سيدنا أيوب عليه. السلام أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله تعالى في رفع الضر عنه مقاومة للقهر الإلهي فرفع شكواه لمولاه ووليس لغيره

فرفعه عنه وأثنى عليه المولي ووصفه بالصبر فلو كانت شكواه غير مقبولة لما اثني عليه الإله عز وجل كما قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز :﷽

{ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ ( [سورة ص)} . .

  • تتمة :-

[[ أعلم أن الانبياء والمرسلين والعارفين من أهل الخصوص فأحيانا يسكن تحت البلاء لكن لا يفعل ذلك إلا بإذن إلهي فهو بحسب ما يلقى إليه من ( ربه من ) الصبر والسكون أو الجزع والبكاء والتضرع .

فهو يدور مع ما في قلبه من جهة الإلقاء الإلهي والمشارب مختلفة وكلهم على حق فلا تعارض ( في أحوال الأنبياء والمرسلين أو العارفين بين الحالتين فكلهم ) يعمل بحكم المقام الذى هو فيه . فلقد جُرحت السيدة رابعة العدوية فلم تشعر وقالت إنشغالي بالله أنساني ما أصابني

ولكن اللائق بالمريد السالك وعامة الخلق كثرة الدعاء والتضرع والبكاء إذا ابتلاه الله سبحانه وتعالى ]]

فينبغي للعبد أن يتضرع إلى الله تعالى في رفع الضر عنه كما جاع بعض العارفين فبكى فعاتبه من لا ذوق له في هذا الفن

فقال العارف إنما جوعني لأبكي أي إنما ابتلاني لأشكو إليه ( كما ذكرنا سابقا ) أي أن شكواي لمولاي لا يقدح في كوني صابراً لأن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى إلى غير الله تعالى.

. أما العارف بربه عز وجل لا يحجبه سؤاله للحق سبحانه وتعالى في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب هي عينه تعالى من حيث خاصيته وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء مع الله تعالى الأمناء على إسراره وقد نصحتك فاعمل والله تعالى اعلم

وقال العارف بالله عبد القادر الجيلاني:-

(الابتلاء ثلاثة ) :-

١- علامة الابتلاء على وجه العقوبة عدم الصبر عند وجود البلاء والجزع والشكوى إلى الخلق،

٢- وعلامة الابتلاء أن يكون تكفيراً الذنوب وجود الصبر الجميل من غير شكوى ولا جزع ولا ضجر ولا ثقل أو كسل في أداء الأوامر والطاعات

٣- وعلامة الابتلاء أن يكون رفع درجات هو وجود الرضي والموافقة لما أراده الله تعالى وطمأنينة النفس والسكون للأقدار حتى ينكشف البلاء

{ والنوع الاخير هو حال الانبياء والمرسلين والكمل من العارفين }

. والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين .