عصمة بيت النبوة سيدنا سليمان ولوط ج ٢
عصمة الأنبياء

  • عصمة بيت النبوة سيدنا سليمان ولوط ج ٢ *

  • قوله تعالى. ﷽ ( رب هَبْ لِي مُلكًا )

فطلبه للملك أن لا يكون لأحدٍ من بعده فأجابه الحق سبحانه وتعالى تعالى إلى ما سأل في المجموع ورفع الحرج عنه.

قال تعالى: ﷽

[هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنن أَوْ أمسك بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَئابٍ ( سورة ص) ]

أي ما ينقصه هذا الملك شيئًا من ملك الآخرة كما يقع لغيره من المتنعمين في الدنيا فإن كل شيء تنعموا به في الدنيا نقص من نعيمهم في الآخرة كما ورد.

ومن هنا تعلم أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يكن شيء يشغلهم عن الله تعالى من نعيم الآخرة فضلا عن الدنيا ولذلك سألوا التوسع في الدنيا

ومحال أن يسألوا من ربهم ما يحجبهم عنه أو يجيبهم الحق تعالى إلى ما يحجبهم إكراما لهم.

وأعلم أن الأكابر ما سألوا الله تعالى التوسع في الدنيا إلا لغرض صحيح وذلك لأنهم لما أحكموا الزهد في الدنيا والقناعة منها بالقليل أمنوا على نفوسهم من أن يشتغلوا عن الله بشيء

فسألوا الله التوسع في الدنيا ليوسعوا بها على أنفسهم وعلى من يلوذ بهم إعطاء النفوسهم ومعارفهم حقهم وليتلذذوا بخطاب الله عز وجل لهم بقوله تعالى

﷽ ﴿وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ﴾ [ سورة الحديد]،

فإنه سبحانه وتعالى ما خاطب بذلك إلا أهل الجدة والسعة فلأجل لذة توجه خطاب الحق تعالى لهم في ذلك سارعوا إلى تحصيل مرتبة الغنى بالتجارات والمكاسب الشرعية لعلمهم بأن من لا مال له محروم من لذة هذا الخطاب.

فقد بان لك أن سليمان عليه السلام لم يقدح في كماله سؤاله الدنيا أن تكون له بأسرها لفقد العلة التي كرهت الدنيا من أجلها. ]]. { الفتوحات المكية }

وقال العارف بالله ابي سعيد الخير :-

[[ قال سيدنا سليمان (وَهَبْ لِي مُلكًا ) فمنحه الله ذلك الملك ولما رأى آفة ذلك الملك وأدرك أنه يسبب البعد لا القرب ( لغيره وليس له) قال لحضرة الله تعالى: (لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ من بعدي ) ]]

{ أسرار التوحيد } . [[ وقال العارف بالله علي الخواص:-

هناك مقام يقتضي طلب العبد بأن يوسع

هناك مقام يقتضي طلب العبد بأن يوسع الله عليه الدنيا ليزداد بذلك فقرًا إلى الله تعالى وإلى نعمه وكيف يعاب على من سأل ربه ما هو أقل من جناح بعوضة؟ ]]

{ اليواقيت والجواهر } .

      ** *  ثانيا : نبي الله لوط  ***

قوله تعالى علي لسان سيدنا لوط:-﷽

{لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ (سورة هود) }

قال العارف بالله علي الخواص:-

المراد بهذه القوة الهمة التي تكون من خواص الأنبياء، فتمنى أن يكون له همه مؤثرة فيمن خالفه لما حصل عنده الضيق ومن هنا كانت الحكمة في إرسال الرسل

{ الجواهر والدرر } .

يضاف إلى عصمة سيدنا لوط

قال العارف بالله بهاء الدين البيطار :-

قوله سبحانه وتعالى :؛. { لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوي إِلَى ركن شَدِيدٍ ﴾ [ سورة هود ]

أخبر سيدنا لوط عن نفسه بمشاهدة تصرف الحق تعالى وأن ليس له من الأمر شيء لهذا لم يتصرف ولم ينتقم من أعداء الله

وقال لقومه حين خاف على ضيوفه منهم بناتي خير لكم يعني أزوجكم بناتي وهو خير من وطء الذكور حتى أعلموه أنهم ملائكة الله وأخبروه بنزول العذاب على قومه

فقال رسول الله ﷺ الله إعلامًا بمنزلة سيدنا لوط يرحم الله أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد (متفق عليه)

فالذي أراده رسول الله ﷺ أن لوطا كان يأوي إلى الله وأما سيدنا لوط فذكر الأمر المعروف عند عموم الناس

والذي أراده لوط بالقوة هو الهمة المؤثرة بالتصرف فيهم وبالركن الشديد القبيلة والعشيرة التي تحميه منهم فإنه كان يشاهد الحق في الخلق فشهود كمال الأحدية منعه من التصرف فيهم ( بالهمة )

ومن هذا المعنى ترك رسول الله ﷺ التصرف بالهمة وقد شجوا وجهه الشريف ﷺ وكسروا رباعيته وشتموه وسبوه وآذوه مع أنه سيد العالمين وسيد الأولياء ا

ومن هذا المشهد ذبحوا سيدنا يحيى ونشروا سيدنا زكريا فالأنبياء يشاهدون أن الله هو ( الفاعل من وراء حجاب البشرية )

فلو كان لسيدنا محمد ﷺ همة مؤثرة في الكون ما كان يقال له ( وما أنت عليهم بجبار } فإنهم تركوا التأثير والفعل بالهمة أدبا مع الحق سبحانه وتعالى

ولأن التصرف بالهمة نقص في العلم بالله تعالى إلا أن يكون نصرة للقرآن ل في حق منكر طبيعي مثلا ، أو في حق منكر للحديث الشريف فيكون التصرف بإذن من الله تعالى لأن الله أذن في نصرة الدين

{ الواردات الإلهية للبيطار ج٢ ص ٣٥٨-٣٥٩ بتصرف } .

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم . وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلي آله وصحبه أجمعين. .