عصمة بيت النبوة سيدنا نوح
عصمة الأنبياء

  • عصمة بيت النبوة سيدنا نوح *

  • قوله تعالى في حق سيدنا نوح :

﷽ ﴿فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [سورة هود]

قال العارف بالله علي الخواص:-

المراد به النهي عن الأمور التي ليس في مقدور البشر الإحاطة بحكمتها ولا بحقيقتها كمعرفة الذات والقدر المتحكم في الخلائق وفي ابنه حتى بأنه عمل غير صالح

ثم انظر إلى لطفه بسيدنا بنوح بقوله تعالى:﷽

﴿إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) [سورة هود]

فرفق به ( في القول ) لشيخوخته و كبر سنه وأين هذا الخطاب من خطابه لرسول الله ﷺ بقوله تعالى :

:﷽ ﴿فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ ﴾ [ سورة الأنعام]

وأين القهر من اللطف؟ وإنما كان ذلك ( قوله لتكونن بلهجة شديدة لرسول ) الله ( لعظم مكانته ) وشرفه وقربه ( وأنه ) لا يتأثر بالكلام الذي ظاهره الجفاء مع زيادة الشباب ( أي كونه لازال شابا )

والشدة مع النبي ﷺ بخلاف سيدنا نوح علي نبينا وعليه الصلاة والسلام فإن رسول الله ﷺ كان عمره إذ ذاك نحو الخمسين . { الجواهر والدرر للشعراني} .

  • وأما دعاء سيدنا نوح على قومه : -

قوله تعالى. ﷽

{ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا }

فالوجه الأول:-

أن دعاؤه عليهم بعد ما أوحى الله إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فكان دعاؤه رحمة بهم خوف أن يشتد عليهم غضب الله ولم يكن من غضب نفسي حاشا الأنبياء من ذلك

وقال العارف بالله أبو الحسن الشاذلي:-

لو علم نوح عليه الصلاة والسلام أن في أصلاب قومه من يأتي يوحد الله عز وجل ما دعا عليهم ولقال مثل ما دعا النبي ﷺ اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون فكل منهما على علم وبينة من الله تعالى

والوجه الثاني:-

قال العارف بالله محي الدين ابن العربي:-

فإنما دعا عليهم بذلك رحمة بهم خوفا منه عليهم بأن يشتد عليهم غضب الله تعالى أكثر مما كانوا فيه.

وقد أمرنا نبينا سيدنا محمد ﷺ أن يقول أحدنا إذا خاف من وقوعه في فتنة :- اللهم توفني إذا كانت الوفاة خيرا لي .

فلم يكن دعاء سيدنا نوح على قومه من غضب نفسي حاشا الأنبياء من ذلك . { الفتوحات المكية }

وقال محي الدين ابن العربي :-

ليست دعوة نوح التي يعتذر بها يوم القيامة بقوله تعالى ﷽( رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ)

إنما بسبب قوله ﴿وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ﴾ لكونه تحكم على الله فيما لم يعرفه ولم يزل الحق يربى أنبياءه بأدب بعده أدب . { اليواقيت للشعراني } . .

  • وأما قوله تعالى :-

﷽. { وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ } ( سورة هود )

فاعلم أنه ليس شكا في وعد الله وإنما أخد بالتأويل وظاهر اللفظ بقوله تعالى ( احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ )

فبين الله سبحانه وتعالى له أنه ليس من أهله الذين وعده بنجاتهم لكفره وعمله الغير صالح وقيل كان نوح لا يعلم بكفر ابنه .

وقال الرازي:-

قال معظم أهل التفسير أنه كان ابنا له لصلبه وهو الأقوى لقوله تعالى (ونادى نوح ابنه) فقيل إنه ليس من أهله الذين وعده بنجاتهم وقيل

وقيل ليس من أهل دينك وهذا قول ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك . { عصمة الأنبياء للرازي}

وأما ما يقال غير ذلك فلا يتلفت إليه ولا يعول عليه لعصمة النبوة من ذلك والله أعلم .

  • واما قول الله تعالى : -

﷽. { إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }

المقصود منه وعظه أن لا يتشبه بسمات الجاهلين كما قال : « إني أعظك » وليس فيه دليل على كونه على تلك الصفة .

ولا تلتفت لمن يقول إن معني الآية لا تكونن ممن يجهل أنّ وعد الله حق ( فهذا خطأ فاحش في فهم القرآن وفي مقام النبوة )

لأن فيه إثبات جهل نبي الله سيدنا نوح بصفة من صفات الله تعالى فإن ذلك لا يجوز عليه ولا علي الأنبياء ويؤيد كلامنا هذا هو قول سيدنا نوح ( وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ  ) .

الوجه الثاني في هذه الآية :-

  • لماذا قال سبحانه وتعالى في حق سيدنا نوح :-

{ إني أعظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [هود : ٤٦]

وقال سبحانه وتعالى في حق سيدنا محمد :-

﴿فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأنعام: ٣٥]

قال محي الدين ابن العربي:-

ينبغي لنا أن نتبع ونتعلم الآداب الإلهية التي أدب الله بها الأنبياء. فقال لسيدنا نوح { إني أعظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ لأنه كان شيخا كبيرا عمره أكثر من خمسمائة ( فخاطبه برفق ولين لكبر سنه )

أما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ﴿فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ لأن سيدنا محمد كان شابا ( يتحمل اللوم والعتاب والنصيحة ) فانظر في القرآن تحظ بالأدب الإلهى

[ الفتوحات المكية لإبن العربي الباب ٢٩١ ] .

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم . وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد.. وعلي آله وصحبه أجمعين. .