عقيدة صفة الكلام في حق الله تعالى
المعرفة الإلهية و العقيدة

القرآن وصفة الكلام للحق عز وجل :-

قال العارف بالله محي الدين ابن العربي:-

[[ صفة الكلام لا يتعقل كيفها كبقية الصفات لأن كلامه تعالى لا هو عن صمت متقدم ولا عن سكوت متوهم إذ هو قديم أزلي كسائر صفاته من علمه وإرادته وقدرته كلم تعالى به الانبياء ( سيدنا موسى وسيدنا وعيسى وسيدنا وداود وجميع الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام.)

فالتوراة والإنجيل والزبور كلام الله تعالى من غير تشبيه ولا تكيف إنما هو أمر يذوقه النبي أو الملك في نفسه لا يستطيع أن یکفيه بعبارة.

كما لو سئل الذائق للعسل كيف وجدت طعمه أو ما الفرق بين حلاوة العسل النحل والعسل الأسود مثلاً ما قدر على إيصال الفرق بينهما إلى السامع بعبارة .

ولو قيل لسيدنا موسى عليه السلام كيف سمعت كلام ربك ما قدر على تكييف ما سمع. .

  • كيف تنوع الكلام والمتكلم واحد عز وجل *

لعلم تقول كيف تنوعت ألفاظ الكلام إلى عربي وسرياني وعبري مع واحد في نفسه غير متجزىء

فالجواب :- . صحيح أن الكلام واحد ولكن المخلوقون الذين يعبرون عنه بلغاتهم فيكون مختلف بسبب ذلك

مثل لفظ الجلالة وهو اسم ( الله ) يعبر عنها باللغة العربية (الله ) وباللغة الفارسية( خداي )

فإن عبر عن كلامه تعالى بالعربية كان قرآناً وبالسريانية كان إنجيلاً أو بالعبرانية كان توراة . .

 *القران كلام الله غير مخلوق * 

وقال الشيخ أبي طاهر القرويني:-

[[ أجمع السلف كلهم على أن القرآن كلام الله غير مخلوق من غير بحث منهم بأنه القراءة أو المقروة أو الكتابة أو المكتوب كما أجمعوا على أنهم إذا زاروا قبر رسول الله ﷺ أن المزور والمصلي والمسلم عليه هو النبي ﷺ من غير بحث أنه شخصه أم روحه.]]

{سراج العقول} .

فإن قلت :-

فما معنى قوله تعالى :- . إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (سورة الزخرف) فإن كلمة جعل يوهم أنه مخلوق

فالجواب:- ليس الجعل بمعنى الخلق في سائر الأحوال. بدليل قوله سبحانه وتعالى { وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا } ( سورة الزخرف)

وكذلك قوله تعالى { أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا } (سورة ص)

فإن قلت:-

فـمـا الـمـراد بقوله تعالى: ﴿ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ [ سورة الأنبياء] }

فالجواب : - المراد أنه محدث الإتيان لا محدث العين فحدث علمه عندهم حين سمعوه وهذا كما تقول حدث اليوم عندنا ضيف ومعلوم أنه كان موجوداً قبل أن يأتي

وكذلك القرآن جاء في مواد حادثة تعلق السمع بها فلم يتعلق الفهم بما دلت عليه الكلمات فله الحدوث من وجه والقدم من رجه.

(فإن قلت :-

فهل نزلت الأحاديث القدسية على رسول الله ﷺ لفظاً أو معنى

فالجواب :-. . أنها نزلت معنی فعبر عنها رسول الله ﷺ بعبارته هو وهو كلام الله تعالى بلا شك فالكلام كلام الله والترجمة ( اي النطق به ) للمتكلم

بدليل قوله تعالى { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} (سورة التكوير )

فأضاف الكلام إلى الواسطة والمترجم كما أضافه تعالى إلى نفسه بقوله تعالي { فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ } [ سورة التوبة ]

فإذا تلى علينا القرآن فقد سمعنا كلام الله وسيدنا موسى لما كلمه ربه سمع كلام الله ولكن بين السماعين بعد المشرقين فإن ذلك يدركه من يسمع كلام الله بلا واسطة لا يساويه من يسمعه بالوسائط انتهى .

وقال العارف بالله علي الخواص :-

ما دام القرآن في القلب فلا حرف ولا صوت فإذا نطق به القارىء نطق بصوت وحرف وكذلك إذا كتبه لا يكتبه إلا بصوت وحرف . فإن قلت :-

فهل تتشكل الحروف اللفظية في الهواء أم تذهب هباء منثورا بعد خروجها

فالجواب :- .

إن الحروف تتشكل في الهواء إذا خرجت ولذلك تتصل بالمسموع على صورة ما نطق بها المتكلم فإذا تشكلت في الهواء تعلقت بها أرواحها ولا يزال الهواء يمسك عليها شكلها وإن انقضى عملها فإن عملها

وتأثيرها إنما يكون في أول ما تتشكل في الهواء ثم بعد ذلك تلحق بسائر الأمم فيكون شغلها تسبيح ربها ( والدعاء لقائلها)

فإن قلت :-

إذا كانت الكلمة كفر فهل تكون مثل كلمات الخير في كون شغلها تسبح ربها

فالجواب :- إنما يكون شغلها تسبيح ربها ولو كانت كلمة كفر فإن وبال ذلك إنما يعود على المتكلم بها لا عليها لأنها نشأت مسبحة لله لا يعلم بما على قائلها من الإثم.

وقد جعل الشارع العقوبة على المتلفظ بها بسببها كما يؤيده حديث إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يلقي لها بالا يهوى بها في نار جهنم سبعين خريفاً

وتأمل كلام الله تعالى تراه يمجد ويعظم ويقرأ على جهة القربة إلى الله تعالى.

وما قالت اليهود والنصارى في حق الله تعالى من الكفر والسب وفيه جميع ما قالت اليهود والنصارى من الكفر والسب وهي كلمات كفر فيعود وبالها واثمها على قائلها وبقيت الكلمة على بابها تتولى عذاب قائلها يوم القيامة أو نعيمه

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين .. .

  • المراجع*

  • اليواقيت والجواهر في عقائد الأكابر لعبد الوهاب الشعراني بتصرف يسير

  • سراج العقول للقزويني

.