مشروعية الاحتفال بمولد النبي ﷺ ج١
خصائص النبي ﷺ وآل بيته

  • مشروعية الاحتفال بمولد النبي ﷺ ج١ *

مسألة الاحتفال بمولد سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد النبي الامي ﷺ بإظهار الفرح بالاجتماع وقراءة ما تيسر من القرآن، وإنشاد المدائح وغيرها

وقراءة الموالد والسيرة النبوية العطرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وإطعام الطعام والتهادي بالحلوى المخصوصة هو مندوب وسنة حسنة

وليست بدعة كما قال البعض لأن لها دلائل وأصول في الدين حتي وان كانت بدعة فهي حسنة وليست مذمومة

فلا شك أن النعمة الكبرى على العالم هو مجيء النبي ﷺ إلى هذه الحياة ليحمل الشريعة الخاتمة والدين الكامل ويبلغه إلى العالمين

فيخرج الناس من الظلمات إلى النور، ويكون قائدا لهم إلى النعيم المقيم

قال ﷻ : ﷽ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحمَةً لِلْعَالَمينَ ﴾

  • قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: -

أعظم نعم الله على هذه الأمة إظهار سيدنا محمد ﷺ لهم وبعثته وإرساله إليهم.

كما قال سبحانه و تعالى. ﷽ { ولَقَدْ مَنَّ الله عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أنفُسِهِمْ ﴾

فإن النعمة على الأمة بإرساله أعظم من النعمة عليهم بإيجاد السماء والأرض والشمس والقمر والرياح والليل والنهار وإنزال المطر وإخراج النبات وغير ذلك

فإن هذه النعم كلها قد عَمَّت خلقًا من بني آدم كفروا بالله وبرسله وبلقائه فبدلوا نعمة الله كفراً فأما النعمة بإرسال النبي ﷺ فإن بها تمت مصالح الدنيا والآخرة،

وكمل بسببها دين الله الذي رضيه لعباده، وكان قبوله سبب سعادتهم في دنياهم وآخرتهم ]]

{ لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي}

وشكر النعم مطلوب شرعي مطلق يقول المولى ﷻ

﷽ ﴿وَاشْكُرُوا لي ولا تكفرون )

وقال ﷽ وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾

  • وأما قوله سبحانه وتعالى ﷽. { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هُو خير ما يجمعون }

فلقد جاء في تفسير الآية عن ابن سيدنا عباس رضي الله عنهما أنه قال فضل الله العلم والرحمة هي محمد ﷺ قال سبحانه وتعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رحمة للعالمين )

ومحبة النبي ﷺ واجبة لازمة وتوقيره كذلك كما جاء في الحديث الشريف فلقد روي عن حضرة النبيﷺ

لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين

ومثلها أيضا تعظيمه ﷺ كما قال ﷻ : ﷽ { لتؤمنوا باللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزَّرُوهُ وَتُوقُرُوهُ وتسبحوه بكرة وأصيلا }

قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى وتعزروه يعني الإجلال وتوقروه يعني التعظيم لمحمد ﷺ

والشرع الشريف لم يحدد وسائل مخصوصة لشكر نعم الله تعالى ولا لذكرها وتذكرها ولا للفرح بها ولا للتعبير عن محبة سيدنا رسول الله ﷺ أو تعظيمه وتوقيره،

فلزم أن تترك هذه الوسائل على أصل الجواز ما لم تصادم إحداها دليلا شرعيا أو أصلا مستقرا والقاعدة الأصولية التي سبقت الإشارة إليها أن المطلق يجري على إطلاقه حتى يأتي ما يقيده.

فإن لم تصادم شيئًا مما ذكر كانت من حيث هي مفضية للمقصود المطلوب مطلوبة والشرع يثيب على الوسائل إلى الطاعات كما يثيب على المقاصد؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد

وإذا كان شكر هذه النعمة مطلوبًا في كل وقت فإنه يتأكد في موعد حدوثها لقوة المناسبة حينئذ

وإذا كان إعلان الفرح بمجيء النبي ﷺ ورجوعه سالما من الحرب أمرا مشروعًا ولو كان بضرب الدف والغناء فالفرح بمجيئه إلى العالم وإعلان ذلك بالوسائل المختلفة أولى بالمشروعية

ففي الحديث أنه قد خرج رسول الله ﷺ في بعض مغازيه ( جمع غزوة ) فجاءت جارية سوداء فقالت يا رسول الله ( ﷺ )إني كنت نذرت إن ردك الله صالح أن أضرب بين يديك بالدف والغنى

فقال لها رسول الله ﷺ إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا فجعلت تضرب

وهذا الاستدلال هو ما يسمى في علم الأصول بالقياس الأولى وهو ما كان الفرع فيه أولى بالحكم من الأصل لقوة العلة فيه.

ويدل على هذا أيضًا ما جاء عن عروة بن الزبير رضي الله عنه أنه قال: "ثوبية مولاة لأبي لهب وكان أبو لهب أعتقها بسبب فرحته بمولد النبي ﷺ لما بشرته بميلادهخ فأرضعت النبي ﷺ

ولما مات أبو لهب رآه بعض أهله - يعني في المنام بشر ( يعني بأسوأ حال ) فقال له ماذا لقيت قال أبو لهب لم ألق بعدكم خيرا غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة

  • وقال شيخ الإسلام شمس الدين بن الجزري :-

وإذا كان أهل الصليب اتخذوا ليلة مولد نبيهم عيدا أكبر فأهل الإسلام أولى بالتكريم وأجدر

[[ وقد روي أن أبا لهب بعد موته رؤي في النوم، فقيل له ما حالك فقال في النار إلا أنه يخفف عني كل يوم إثنين

وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا وأشار إلى نقرة إبهامه وان ذلك بسبب إعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة محمد (ﷺ ) وبإرضاعها له ]]

{ عرف التعريف بالمولد الشريف للجزري}

فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جازاه الله تعالى في النار بفرحه ليلة مولد النبي ﷺ بأن خفف عنه يوم الاثنين فكيف الحال بالمسلم الموحد من أمة محمد ﷺ الذي يفرح بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته ؟

فقال شمس الدين الدمشقي في ذلك:-.

[[ إذا كان هــــــــــذا كافرا جـــــــــــاء ذمه

وتبَّت يــــــــــداه في الجـحيـــــــم مخــــــــــــلدا

أتى أنـــــــــه في يـــــــــوم الاثنين دائما

يخـــــــفف عنـــــــــــه للسرور بأحمــــــــــدا

فما الظن بالعبــــــد الذي كان عمــــــــــره

بأحمــــــــد مسرورا ومات موحدا ]]

{ مورد الصادي في مولد الهادي }