العارف بالله عبد القادر الجيلاني
من أحوال وأقوال بعض العارفين

قال العارف بالله عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه:-

  • حسن الخلق أن لا يؤثر فيك جفاء الخلق بعد مطالعتك ( معرفتك ) للحق واستصغار نفسك وما منها معروفة بعيوبها واستعظام الخلق وما أودع الله تعالى فيهم من الإيمان والحكم.

  • قال له رجل مرة كيف الخلاص من العجب ( الإعجاب بالنفس من عمل وعبادة ومنزلة )

فقال من رأى الأشياء ( الأعمال والعبادات والمقامات الدنيوية والدينية ) كلها من الله سبحانه وتعالى وأنه هو الذي وفقك لعمل الخير وأخرجت نفسك من البين فقد سلمت من العجب.

  • متى ذكرت مولاك فأنت محب ومتى سمعت ذكره لك فأنت محبوب

  • احذر ( مكر ربك) ولا تركن ( الي عمل وعبادة ) وخف ولا تأمن ولا تضف إلى نفسك حالا ولا مقال ولا تظهر شيئاً من ذلك ولا تخبر أحداً به

فإن الله تعالى كل يوم هو في شأن في تغيير وتبديل ويحول بين المرء وقلبه

فقد يحرمك مما أخبرت به الناس فتخجل عند من أخبرته بذلك بل احفظ ذلك ولا تعده إلى غيرك فإن كان الثبات والبقاء ( اي دوام العلم والعبادة ) فتعلم أنه موهبة فتشكر واسأل الله تعالى التوفيق

  • الخلق حجابك عن نفسك، ونفسك حجابك عن ربك، وما دمت ترى الخلق لا ترى نفسك وما دمت ترى نفسك لا ترى ربك

  • إذا أقامك االله تعالى في حالة فلا تختر غيرها أعلى منها أو أدنى منها

  • لا تختر جلب النعم ولا دفع البلوى فإن النعم واصلة إليك بالقسمة استحليتها أم كرهتها والبلوى نازلة بك ولو كرهتها ودفعتها

فسلم لله تعالى في الكل يفعل ما يشاء فإن جاءتك النعمة فاشتغل بالذكر والشكر، وإن جاءتك البلوى فاشتغل بالصبر والموافقة والرضا

فلا تجزع من البلوى ولا تقف بدعائك في وجهها فليس نارها أعظم من نار جهنم وفي الخبر إن نار جهنم تقول للمؤمن جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي

وليس نور المؤمن الذي أطفأ لهب النار إلا الذي صحبه في دار الدنيا وتميز به عمن عصى فليطفئ بهذا النور لهب البلوى

فإن البلية لم تأت العبد لتهلكه وإنما تأتيه لتختبره،

  • لا تشكون لأحد ما نزل بك من ضر كائناً ما كان صديقاً أو قريباً، ولا تتهم ربك قط فيما فعل فيك ونزل بك من إرادته بل أظهر الخير والشكر

، ولا تسكن الي البر والخير لأحد من الخلق، ولا تستأنس به ولا تطلع أحد على ما أنت فيه لا فاعل سوى ربك "وكل شيء عنده بمقدار - إن يمسسك بضر فلا كاشف له إلا هو"

واحذر أن تشكو الله وأنت معافى وعندك نعمة ما طلباً للزيادة وتتغافل وتنسي ما له عندك من النعمة والعافية

فربما غضب عليك ربك وأزال نعمته من عندك وضاعف بلاءك، وشدد عليك العقوبة وأسقطك من عينه

وأكثر ما ينزل بابن آدم من البلاء لكثرة شكواه من ربه عز وجل ( وعدم الصبر والرضي بما قضي وقدر )

  • روي عن حضرة النبيﷺ "حمى يوم كفارة سنة" الأمراض والشدائد جعلها الله تعالى مطهرات لك لتصلح لقربه ومجالسته لا غير

وقد ورد أيضاً عن حضرة النبيﷺ:- "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل.

ودوام البلاء خاص بأهل الولاية الكبرى، وذلك ليكونوا دائماً في الحضرة

ويمنعهم المولي بالبلاء أن تميل قلوبهم إلي غيره سبحانه وتعالى ثم إذا دام البلاء بالعبد قوي قلبه وضعف هواه

  • لا تنازع ربك في قضائه فيقصمك ولا تغفل عنه فيسلمك ولا تقل في دينه بهواك فيرديك، ولا تسكن إلى نفسك فيبتليك بها وبمن هو شر منها ولا تظلم أحداً ولو بسوء ظنك به وحملك له على محامل السوء فإنه لا يجاوز بك ظلم ظالم

  • إذا وجدت في قلبك بغض شخص أو حبه فاعرض أفعاله على الكتاب والسنة فإن كانت محبوبة فيهما فأحبه وإن كانت مكروهة فاكرهه لئلا تحبه بهواك أو تبغضه بهواك

قال سبحانه وتعالى: "ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله"

ولا تهجر أحداً إلا لله وذلك إذا رأته مرتكباً كبيرة أو مصراً على صغيرة .

( قال عبد الوهاب الشعراني: ومعنى رأيته مرتكباً كبيرة العلم بذلك ولو ببينة فلا يشترط في الهجر رؤية من يفعل ذلك ببصرك

ولذلك قال سيدي على الخواص رضي االله عنه شرط جواز الهجر علم الهاجر بوقوع المهجور فيما هجر لأجله يقيناً لا ظناً وتخميناً

فلا يجوز لك أن تهجر أحدا من قريب أو بعيد من غير تحقق وتثبت وهذا الباب هلك فيه خلق كثير ولم يموتوا حتى ابتلاهم الله تعالى بما رموا به الناس والله أعلم. )

  • إذا أحب االله عبداً لم يزد له مالا ولا ولداً وذلك ليزول اشتراكه في المحبة لربه تعالىوالحق غيور لا يقبل الشركة.

( فإن بلغ الولي إلى مقام لا يشغله عن الله سبحانه وتعالى شاغل فلا بأس بالمال والأولاد )

  • إنما كان الحق تعالى لا يجيب عبده في كل ما سأله فيه إلا شفقة على العبد أن يغلب عليه الرجاء والغرور

فيتعرض للمكر به ويغفل عن القيام بأدب الخدمة فيهلك والمطلوب من العبد أن لا يركن لغير ربه والسلام

  • وقال (الابتلاء ثلاثة ) :-

١- علامة الابتلاء على وجه العقوبة عدم الصبر عند وجود البلاء والجزع والشكوى إلى الخلق،

٢- وعلامة الابتلاء أن يكون تكفيراً للذنوب وجود الصبر الجميل من غير شكوى ولا جزع ولا ضجر ولا ثقل أو كسل في أداء الأوامر والطاعات

٣- وعلامة الابتلاء أن يكون رفع درجات هو وجود الرضي والموافقة لما أراده الله تعالى وطمأنينة النفس والسكون للأقدار حتى ينكشف البلاء

  • علامة محب الدنيا :-

ما دام قلب العبد متعلقاً بشهوة من شهوات الدنيا أو لذة من لذاتها من مأكل أو ملبس أو نكاح أو ولاية أو رياسة أو تدقيق في فن من الفنون الزائدة على الفرض

كرواية الحديث الآن وقراءة القرآن بالروايات السبع وكالنحو واللغة والفصاحة فليس هذا محباً للآخرة وإنما هو راغب في الدنيا وتابع هواه،

( رواية الحديث الآن والقراءات والعلوم وغيرها ليقال عالم أو عارف أو يتخذوها وسيلة للدنيا وملء جيوبهم وبطونهم وليس لله وللتقرب إليه والفهم عنه وهذه هى الشهوة التي ينبه إلى خطرها )

  • كلما جاهدت النفس وغلبتها وقتلتها بسيف المجاهدة أحياها الله عز وجل ونازعتك وطلبت منك الشهوات، واللذات المحرمات منها والمباح لتعود معها إلى المجاهدة ( مرة اخري )

( وهكذا يتكرر الحال ) بمجاهدة النفس مرة تلو الأخري ليكتب لك نوراً وثواباً دائماً وهو معنى قول النبيﷺ:- "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر"

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين

  • المراجع *

  • الطبقات للشعراني ترجمة الإمام بتصرف يسير

  • وانظر الكواكب الدرية للمناوي

                                            ****