من جواهر العارفين في الحديث والآيات القرآنية ج٤
جواهر العارفين في الحديث والقرآن المبين

من جواهر العارفين في الحديث والآيات القرآنية ج٤

  • قوله سبحانه وتعالى ﷽

{ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا }

(سورة الطلاق )

قال ذو النون المصري رضي الله تعالى عنه :-

المتوكل على الله قد اكتفى بعلم ألله تعالى فيه فلا يشتغل بغيره عز وجل حتى اتصل خوفه ورجائه بالله عز وجل فإنه لا مانع ولا معطي إلا ألله سبحانه وتعالى

فلا ترغب عن الله بجهلك فتخضع لمن دونه عند تخويف الشيطان واعلم أن أخص المتوكلين عليه يحجب عنهم كل آفة فهم ينظرون إلى الله تعالى ولا يؤملون غيره

فقد حجب قلوبهم عمن سواه بما يرجون من إحسانه واستغنوا بذكره عن ذكر غيره.

واعلم أنك لا تكون متوكلاً حتى تصفو من كل ملك ( اي كل ما تملكه عارية عندك وهو عطية من ربك لك فلا ملك لك ولا تجعل النعمة تملكك فتشغلك عن المنعم عز وجل)

ولا ترى إلا ألله عز وجل ولا تقدر أن تهرب من رزقك كما لا تقدر أن تهرب من الموت

أما سمعت ألله سبحانه وتعالى يقول: ﷽

{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ۖ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَٰلِكُم مِّن شَيْءٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } سورة الروم

فاقطع الاشتغال بذكر الأسباب من جهتك ( اي لاتهتم ولا تحزن ولا تقلق علي رزقك ) واعلم أن الله تعالى يرزقك بسبب وبغير سبب

فإن الله سبحانه وتعالى وعدك بأن يرزقك وغيب عنك علمه ولو احتلت بكل حيلة أن يأتيك قبل وقته أو بعد وقته فلن يأتيك إلا بما شاء وقتما شاء

وما قدره المولى عز وجل فيما قسمه لك فلا يستطيع غيره أن يحجبه عنك والتوكل يزيد وينقص مثل الإيمان.

[ الكوكب الدري ج٣ ص ٢٤٢ بتصرف يسير جدا ] . .

  • قوله سبحانه وتعالى ﷽

[ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ] سورة الفاتحة

قال العارف بالله محي الدين ابن العربي:-

إعلم أن الإحسان أعلى درجة في الإيمان وأعلى الإحسان المشاهدة وأدناه المراقبة.

والمحسن من تحقق الصدق في دعوى قوله: إياك نعبد وإياك نستعين والصدق في هذه الدعوى إنما يكون بإخلاص لله تعالى وحده.

فقولنا: إياك نعبد واياك نستعين خطاب لموجود ( عز وجل ) يشهده مع العبادة ويراقب مع الاستعانة.

لأننا مع المشاهدة نرى أفعال الله تعالى فينا وفي غيرنا ومع المراقبة نعلم أنه هو الذي أسمعنا ما نسمعه من أنفسنا ومن غيرنا وهو الذي أوجد حركاتنا وسكناتنا وحركات غيرنا وسكناتهم.

فالمشاهدة بهذه الحالة رؤية تقع موقع العيان والمراقبة رؤية قلب ولا تتحقق العبادة ولا الاستعانة إلا ممن يعرف المشاهدة والمراقبة.

فمن أسلم وآمن وأحسن فقد عرف معالم الدين الذي نزل به جبريل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وسلم ليعلم الأمة معالم دينهم ودنياهم ولا يظفر بهذه الصفة إلا من أسلم وجهه لله وهو محسن. والله أعلم.

[رسائل ابن عربي ج٤ ص ٢٣٩ ]

وإلي الجزء الخامس من جواهر العارفين:- .