احاديث العبادات وآداب العادات

حديث النبيﷺ عن العمرة والحج

روي عن حضرة النبيﷺ تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ ، فإنَّهما ينفِيانِ الفقرَ والذُّنوبَ ، كما ينفي الْكيرُ خبثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ وليسَ للحجِّ المبرورِ ثوابٌ دونَ الجنَّةِ

أخرجه الترمذي والنسائي

هل الحج أو العمرة احب إليك أم رضي مولاك ?

رأيت من حج أكثر من مرة واعتمر أكثر من مرة وكأن رضي الله تعالي محصور في الحج والعمرة وهذا فهم غير سليم .

ويتعلق الناس بقول حضرة النبيﷺ الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب

ونسوا أن إدخال السرور علي مسلم من احب الاعمال الي الله تعالي .

وإن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفيء الماء النار .

وإن السعي علي الأرملة كالمجاهد في سبيل الله.

وأن امراءة دخلت الجنة وغفرت ذنوبها لأنها سقت كلبا في الصحراء في حاجة للماء .

وقضاء حاجة لمسلم والسعي عليها خير من اعتكاف المرء عشر سنين

وكل ما سبق وردت أحاديث النبيﷺ فيها . إذن المسئلة ليست من أجل فقر وتكفير ذنوب ومتابعة قول النبيﷺ فقط بل فيها هوي النفس وراحتها بالذهاب هناك

والدليل علي أنها هوي نفس أنه لو كان الحج والعمره لله لما رفض المسلم انفاق المال في غير ذلك لليتامي أو المحتاج أو غيرهم ولو كان لله لتساوي عندك انفاق المال في أي جهة ما دام لله عز وجل

ولأن العبودية لله سبحانه وتعالى هي اضمحلال إرادتك في إرادته وفسخ إرادتك واختيارك فى اختياره وترك رغباتك مرضاة له عز وجل .

وهذه أمثلة توضح ذلك المعني :-

[[ روى أن رجلا طلب المشورة من الإمام بشر الحافي قائلا له إني أملك ألفي دينار حلالاً وأريد التوجه إلى الحج ( يقصد الحج مرة أخري لانه أدي حج الفريضة أو أنه لم يحج أصلا ) فقال بشر له إنك ذاهب للفرجة

ولو أنك تبتغى مرضاة الله اذهب وسدد دين شخص أو إعط يتيماً أو رجلاً فقيراً فإن الراحة التي تحل بقلوب المسلمين في الإسلام أفضل من مائة حجة

قال الرجل أرغب في الحج أكثر فقال بشر الحافي لقد حصلت على هذا المال دون وجه حق لأنك لا تنفقه في موضعه ]]

{ تذكرة الأولياء للعطار ترجمة بشر الحافي}

[[ وروى أن عبد الله بن المبارك كان فى الحرم وكان قد فرغ من الحج ذلك العام فاستغرق فى النوم لحظة فرأى فى المنام أن ملكين من الملائكة هبطا من السماء وسأل أحدهما الآخر كم من الخلق جاء هذا العام ؟ فقال : ستمائة ألف قال وكم شخص قبل حجه ؟ قال الملك لم يقبل حج أي منهم.

فقال ابن المبارك عندما سمعت هذا بدا على الاضطراب فقلت تجىء كل هذه الخلائق من أطراف الدنيا وأكنافها بكل هذه الآلام والمتاعب من كل فج عميق وتقطع الصحراء ويضيع كل هذا

فقال ذلك الملك من الملائكة يوجد في دمشق إسكافى ( يصلح الأحذية ) اسمه على بن الموفق لم يأت للحج لكن حجه مقبول وغفر للجميع بسببه وقد فعلوا كل هذا من أجله .

ولما سمعت هذا استيقظت من النوم وقلت ينبغي على الذهاب إلى دمشق، وزيارة ذلك الرجل فذهبت إلى دمشق وسألت عن دار ذلك الرجل وناديت عليه فخرج شخص قلت له ما اسمك قال على بن الموفق

فقلت له أي عمل تعمل به؟ قال: إنني إسكافي فقصصت هذه الرؤية التي رأيتها في مكة وقت الحج فقال لي ما اسمك قلت عبدالله بن المبارك فصاح صيحة وفقد وعيه وعندما عاد إلى رشده قلت: أخبرني بأمرك،

قال رغبت في الحج طيلة ثلاثين عاما وجمعت من الحياكة ( خياطة الأحذية وتصليحها ) ثلاثمائة وخمسين درهماً هذا العام وقصدت الذهاب إلى الحج

فقالت لى زوجتي التي كانت حاملاً اذهب واحضر قدراً من طعام جارنا فاني شممت رائحة طيبة فذهبت إلى ذلك الجار وأخبرته بطلب زوجتي فأخذ الجار في البكاء

وقال لي اعلم أن أطفالي لم يأكلوا شيئاً قط طيلة ثلاثة أيام واليوم رأيت حماراً ميتاً فقطعت قطعة منه وأعددت طعاماً منه وهو لا يحل لكم

ولما سمعت هذا من الجار اشتعلت النار فى روحى فحملت تلك الدراهم الثلاثمائة والخمسين التي اعددتها طوال تلك السنين من أجل الحج ومنحتها له وقلت له انفق على الأطفال فهذا هو حجى

فقال عبدالله بن المبارك صدق الملك في الرؤيا وصدق الملك عز وجل في الحكم والقضاء. ]]

{ تذكرة الأولياء للعطار ترجمة ابن المبارك}

( فإن وجدت من يضيع حاله هو وأولاده أو يتيمة في حاجة إلي تجهيز عرسها أو رجل وأسرته في حاجة إلي بناء مسكنهم الذي تهدم فهذا أولي من الحج حتي وان كان فريضة

ما كان لله لا يضيع وحتما مقبول. وما كان للنفس فهو بين القبول والرد)

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم . وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين . .