احاديث العبادات وآداب العادات

لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ وَلَا جُنُبٌ



جواهر العارفين في الحديث :- 

روي عن حضرة النبي ﷺ 

لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ  وَلَا كَلْبٌ وَلَا جُنُبٌ

( أخرجه أبو داود عن سيدنا علي كرم الله وجهه والنسائي في السنن ) 

* أقوال العارفين في ذلك:- 

اولا مسألة الجنابة والناحية الفقهية :- 

* قال عبد الوهاب الشعراني المصري:- 

ومعلوم أن الملائكة إذا لم يدخلوا ذلك البيت فما بقي إلا الشياطين يكونون هناك، وأهل الله تعالى لا يسكنون مع الشياطين.

وقال علي الخواص شيخ الشعراني :- 

 لا ينبغي للعبد أن ينام في مكن فيه جنب أو حائض أو نفساء لأن الملائكة الذين هم سبب نزول الرحمة لا يدخلون ذلك المكان

وقال النووي في "شرح مسلم :- 

«هَؤُلَاء الْمَلَائِكَة الَّذِينَ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ كَلْب أَوْ صُورَة فَهُمْ مَلَائِكَة يَطُوفُونَ بِالرَّحْمَةِ وَالتَّبْرِيك وَالِاسْتِغْفَار

وَأَمَّا الملائكة الْحَفَظَة فَيَدْخُلُونَ فِي كُلّ بَيْت، وَلَا يُفَارِقُونَ بَنِي آدَم فِي كُلّ حَال، لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِإِحْصَاءِ أَعْمَالهمْ وَكِتَابَتهَا 

ويفضل بل يستحب للجنب له أن يتوضأ إذا أراد معاودة الجماع أو من أجل  الطعام أو النوم أو الخروج لمصلحة   وليس عليه إثم بتأخيره غسلَ الجنابة ما لم  يؤخر الصلاة عن وقتها


* الأعمال المستحبّ فعلها للجنب والمكروه منها 

١-  قراءة القرآن الكريم وتلاوته، وهذا ما قال به جمهور المذاهب الأربعة أمّا لو كانت النّية ليست القراءة إنّما من أجل الدّعاء، أو الثّناء، أو الذّكر، أو التّعلم، فإنّه يجوز ذلك

ومن الأمثلة على الدّعاء قيام المسلم بتلاوة قوله تعالى عندما ينوي الرّكوب: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ* وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ»

وأن يردّد المسلم قوله تعالى: «إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» عندما تحلّ به مصيبة وخاصّةً مصيبة الموت، ومن الأمثلة على الذّكر تلاوة سورة الإخلاص وآية الكرسي.

٢-  دخول المسجد والاعتكاف فيه لا يجوز للجنب  أمّا المرور به فلا بأس فيه عند الشافعية والحنابلة

ومنعه الحنفية والمالكية إلا بالتيمم ودليل ذلك قوله تعالى «وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ».

٣-  القيام بحمل القرآن الكريم، إلّا إذا دعت ضرورة ملحّة لذلك، ومن هذه الضّرورات: حمله إن كان بالأمتعة ويكون القصد حمل الأمتعة، أو الخوف عليه من السرقة أو الخوف من أن يجيء عليه شيءٌ من نجاسةٍ أو نحوها.

٤-  ذكر الله -عز وجل- وتسبيحه، وحمده، والتّوجه إليه بالدّعاء ففي روايةٍ للسّيدة عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: «كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ»

٥ -  غسل الفرج، والوضوء إذا أراد المسلم تناول الطّعام، أو النّوم، أو إعادة الوطء مرّةً أخرى وهذا قول الجمهور من الشّافعيّة، والحنابلة، وقولٌ عند المالكيّة

٦ -  واذا نام جنبا ثم قام في الصباح الغسل فصيامه صحيح فرضاً كان أو صيام نافلة 

* قول النبي ﷺ «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة :- 

أولا الصورة :- 

هي الصور المجسمة من تماثيل وليس المقصود بها الصورة الفوتوغرافية وليس الصور الفوتوغرافية فهي جائزة لأنها ليست مجسمة ولا ظل لها 

أما  لعب الأطفال فلا شئ فيها لانها تمتهن ولأن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تلعب بها فى بيت رسول اللّه  ﷺ  فلا مانع من وجود لعب الأطفال فى المنزل،

ثانيا :- لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب :- 

والمقصود بالكلب هنا هو الكلب الذي لم يكن للحراسة أو الصيد  ولكن إن كان للحراسة أو للصيد فلا مانع من اقتنائه ( فالمدار علي النية ) 

ولأن مَن اتخذ كَلْبًا لغير هذه الأغراض الثلاثة فإنّه ينقص مِن أجره كلَّ يوم قيراط والقيراط هو مقدار مِن الثواب مَعلومٌ عندَ اللهِ تعالَى والمرادُ نقص جزء مِن اجر عمله 

لما روي عن حضرة النبي ﷺ 

مَن اقتني كَلْبًا إلّا كلبا ضارِيًا لصيد أو كلب ماشية فإنّه ينقص مِن أجره كل يوم قيرطان  ( متفق عليه عن سيدنا عبدالله بن عمر ) 

* الناحية الفقهية لطهارة أو نجاسة الكلب :- 

١- وجه من قال بطهارة الكلب دون سؤره، فلأن الأصل في المخلوقات كلهـ الطهارة لأنها صدرت عن أمر القدوس الحي، ولا يصدر عن أمره عز وجل إلا طاهر .

فمذهب الامام مالك رضي الله عنه إن اتخاذ الكلاب في البيوت لجلب دفع مضرة جائز .

٢- إن جسد الكلب ولعابه ومخاطه وعرقه كل ذلك طاهر ما منفعة أو دام حياً. وعلى ذلك إذا جلس الكلب على السرير ولامس الشخص فإنه لا ينجسه

ولا يمنع ذلك من صحة صلاته وعبادته المتوقفة على طهارة كالطواف بالبيت الحرام وسواء كان جسمه مبتلاً أو غير مبتل

٣-  إذا لحس الكلب بدن المصلي أو ثوبه فإن ذلك لا
ينجسه ولا يبطل صلاته هذه وهو رأي السادة المالكية

أما رأي السادة الشافعية فإنهم يرون - بما لديهم من أدلة أن الكلب نجس بجميع أجزاء بدنه سواء كان مبللاً أو جافاً ، فإذا أصاب شيئاً وجب غسله سبع مرات إحداهن بتراب

* الحكمة من الشرب أو الأكل من بقايا  الكلب :- 

قال  عبد الوهاب الشعراني المصري:- 

طلب المشرع الغسل سبع مرات احداهن بتراب شفقة علينا لأن بقايا وآثار طعامه أو شربه يميت القلب

فمنع الشارع من شرب ماءه، أو الأكل منه : شفقة علينا ورحمة بنا لئلا يموت قلبنا، فلا يصير صاحب الكلب يحن إلي موعظة ولا فعل خير.

وقد وقع لبعض الرجال  :   أنه شرب من لبن كان شرب منه كلب فمات قلبه حتى صار لا يحن إلى موعظة

وصار يأتي إلى سيدي علي الخواص ويقول له ادع لي فمكث بذلك الأمر تسعة أشهر وما كان إلا أن هلك في دينه .

ومن هنا بالغ الشارع في التنزه عن سؤر ( بقايا )  الكلب بأن جمع في التطهير منه بين الماء والتراب اللذين إن اجتمعا أنبنا الزرع قطعا لذلك الأثر الذي يميت القلب.
.
والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين 
.

*المراجع :- 

* صحيح البخاري ومسلم وسنن النسائي  
* الفقه علي المذاهب الأربعة 
* الميزان المدخل لجميع مذاهب المحتهدين ومقلديهم
  في الشريعة المحمدية لعبد الوهاب الشعراني المصري 

* الميزان الخضرية لعبد الوهاب الشعراني المصري 
   ص٩٣-٩٤

* درر الغواص علي فتاوي سيدي علي الخواص للشعراني
* بهجة النفوس والأحداق فيما تميز به القوم من الأخلاق 
   للشعراني طبعة العلمية 
.
.