فضل ذكر الله تعالى والصلاة على النبي ﷺ

حديث النبيﷺ عن الذاكر الحي

روي عن حضرة النبيﷺ مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ والذي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ.

( أخرجه البخاري وغيره )

  * البيان*

شبه الذاكر لله والذي لا يذكر كالحي والميت هذا التشبيه في محله وليس مجاز وضرب مثل فقط لأن الذي يذكر ربه علي الدوام تغفر ذنوبه وتستر عيوبه ويصلح حاله

وبسبب الذكر يوسع الله تعالي عليك الرزق الحسي بكثرة المال والولد والعافية والصحة وراحة البال والسكينة والرضي بما قسمه الله لك

بل قلما يتعرض الذاكر لربه للبلاء والمحن إلا إذا كان تكفيرا للذنب ورفع درجة كما روي.

عن حضرة النبيﷺ فيما معناه الصاعِقَةِ لا تصيبُ ذاكِرَ اللَّهِ

فالذكر مثل علاج مستمر للقلب والنفس والحال فتعيش راضيا مرضيا فتسعد بحياتك وعمرك

أما من لا يذكر ربه فيعيش دائما في هموم الدنيا وغم المعيشة والأمراض النفسية والبدنية وعدم راحة البال والسخط الدائم والشكاوي من الأقدار

وهذا محقق وقد رأيت أحوال الناس ممن تعود ذكر ربه وممن لا يذكر ربه تتعجب

فالذاكر حي ويعيش بين الناس ولكنه ميت في نفس الوقت حالته النفسية مضطربة وحالته الإجتماعية في ضنك وهموم بخلاف العبد الذي تعود على ذكر الله تعالى

.

  • اقوال العارفين في ذلك *

[[ قال العارف بالله الفضيل بن عياض:- يقول الله عز وجل :. يا بن آدم إن ذكرتني ذكرتك وإن نسيتني نسيتك والبرهة التي لن تذكرني فيها هي عليك لا منك فانظر الآن ما تفعل .]]

{تذكرة الأولياء }

[[ وقال العارف بالله أبو الحسن الشاذلي :-

المصل والذاكر يخلق له من ذكره وصلاته ملك ( أي ملك من الملائكة) يستغفر له إلى يوم القيامة ]]

{ الكواكب الدرية }

[[ وقال العارف بالله علي الجمل:-

المولى كريم ما توجهت لشيء إلا أمدك به وفيه ورزقك من يرافقك فيه حتى تبلغ فيه منتهى همتك .

والهمة تزيد والمدد يزيد من مولاك ولا ينقطع المدد من مولاك حتى تقف همتك هذا القياس جرت عادة الله به في الأمور كلها . من انشغل بربه كفاه أمر نفسه ]]

{ سلسلة أعيان المغرب }

[[ وقال العارف بالله ابراهيم بن الأدهم:-

من لا يستحضر قلبه في ثلاثة مواضع فذلك دليل على أن الباب قد أغلق أمامه عند قراءة القرآن . وعند ذكر الله سبحانه وتعالى وعند الصلاة ]]

{الطبقات للشعراني }

  • [[ وقال العارف بالله سهل التستري:-

إن الذاكر لله تعالى على الحقيقة لو هم أن يحيي الموتى لفعل ثم مسح الإمام سهل بيده على مريض بين يديه فبرئ وقام معافي من المرض

وقال رضي الله عنه :-.
. إن لله عز وجل في كل يوم وليلة عطايا وأعظم العطايا أن يلهمك ذكره . والأنفاس معدودة فكل نفس يخرج بغير ذكر الله فهو ميت ]]

{المنتقي من مناقب الأبرار}

  • [[ وقال العارف بالله محي الدين ابن عربي:-

إذا ذكر العبد ربه ولم يخشع قلبك ولا خضعت اعضاؤك عند ذكر الله تعالى فأنت لم تحترم الجناب الأهلي ولم تأت بما يليق به من التعظيم وأول ما تمقتك( تكرهك) جوارحك وجميع أجزاء بدنك

وقال رضي الله عنه:-

الرياضة عند المحققين ( من الذكر الكثير وقلة النوم وقلة الطعام والشراب والصمت وقيام الليل)

إنما هي لتحسين الأخلاق ولصفاء القلب وعلى كل حال فليس هما بفتح رباني ولا ينتجانه أصلا وإنما يأتى الفتح من عند الله ولو كان له سبب ينتجه لكان مكتسبا

وإنما جعل ذكر الله تعالى عادة لئلا يروح القلب بغير عبادة ويتعين على الذاكر ألا يقصد بذكره حضرة مخصوصة أصلا بل يترك الحق يختار له من خزائن غيبه ما يقتضيه جوده وإحسانه

ومن يتعرض للفتح ولا يفتح له يجمع له المولي عز وجل إلى أن يموت فيرى عند موته ما أخفى له من قرة أعين فيعلم عند ذلك أنه كان مسافرا إلى الله ولم يشعر لكونه ما فتح له في حياته الأولى ولا شاهد ما شاهد غيره من السائرين إلى الله . ]]

{الكواكب الدرية }

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين

    * المراجع * 

.

  • تذكرة الأولياء لفريد الدين العطار ج١ ، ج٣
  • الكواكب الدرية للمناوي ج٣ ترجمة أبو الحسن الشاذلي
  • سلسلة أعيان المغرب الشيخ علي الجمل
  • الطبقات للشعراني ترجمة الإمام ابراهيم بن الأدهم
  • المنتقي من مناقب الأبرار ترجمة
  • حلية الأولياء لأبو نعيم