فضل ذكر الله تعالى والصلاة على النبي ﷺ

فضل الذكر وأثره علي العبد ج١

فضل الذكر وأثره علي العبد ج١

قال المولي سبحانه وتعالى

﷽ { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } .

     * البيان *

من أهم وأعظم نتائج لذكرك لله عزّ وجل أنه لولا ذكر الله تعالى لك لما ذكرته فذكره لك يسبق ذكرك له ولذلك قال تعالى ( ﷽ ولذكر الله أكبر )

ذكر الله تعالى لك هو أعظم من ذكرك لأنه بتوفيقه لك ذكرته وذكره لك بعظمته وجلاله فأين انت بكونك عبد فاني والذي يذكرك ربك الباقي وهذه أعظم وأجل المنن الإلهية عليك

     *  اقوال العارفين في ذلك * 

قال بعض العارفين:

[[ من هلل الله تعالى أجله ( اي قال لا إله إلا الله ) ومن سبحه أصلحه ( أي قال سبحان الله ) ومن حمد الله تعالى أيده الله تعالى ومن استغفره غفر له ومن رجع إليه أقبل عليه

وذكر الغفلة جزاؤه الطرد وذكر الحضور جزاؤه القرب وذكر الاستغراق جزاؤه محبة ومشاهدة ووصل

وذكر اللسان يقرع باب الملك وهو كفارة ودرجات وذكر القلب زلفى وقربات وذكر الروح مكالمة ومحادثة ]]

{ تقريب الأصول للزيني دحلان ص ٣٦١ } .

           * أثر الذكر و أنواره * 

اعلم أن لكل اسم من أسماء الله الحسنى أثر ونتيجة علي حسب النية من جهة وحسن الأدب في الذكر بشروطه من جهة أخرى

فليس من يذكر ربه لمجرد الأمر الإلهي بذلك يتساوي مع من يذكره لطلب دنيوي

ولا يتساوي هذا وذاك مع من يذكر ربه حبا فيه ومدحا له فكل إنسان له درجات علي قدر النية

ومن جهة أخرى:-

أن من يجلس بثياب طاهرة متجها القبلة في مكان خالي من الناس يذكر ربه ويفرغ عقله وحواسه للاخلاص والتركيز وحسن الأدب وقت جلوسه بين يدي ربه ليذكره

فإنه يحصل علي اثر وفتح الذكر في أقصر مدة قد تكون ساعة أو ليالي معدودة أو أيام أو عدة أشهر قليلة

بينما من يذكر بين الناس أو عينه مشغولة بالنظر لشئ ويده مهتمة بفعل شئ وقلبك وحواسك مع الناس أو الدنيا وتنقطع عن الذكر ساعات ثم تعود أو أيام ثم تعود

وليس لله حظ منك إلا ذكر اللسان فهذا يتأخر فتحه ويتأخر حصوله علي نوارنية وفتح الذكر وقد يستغرق سنوات وليس ايام

مثل حال الرجل الذي لقيه سيدنا موسى فقد كان راعي غنم فجلس يدعو ويبكي فقال: (يا رب) يريد شيئاً فقال سيدنا موسى برحمة النبوة يا رب لو الأمر بيدي لاستجبت له

فقال الله تعالى : يا موسى صاحبك يدعوني بلسانه وقلبه عند غنمه وأنا لا أستجيب لعبد لسانه معي وقلبه مع غيري.

فهذا حال الدعاء فكيف بحال من يذكر ربه بلسانه وجميع جوارحه مع الناس والدنيا

نعم كلا النوعين علي خير وكل له ثوابه وجزائه وأمرنا المولي بالذكر بكل حال وفي كل حال وفي كل وقت

لكن هذه تكون بدايات تدريب النفس علي الذكر وتدريب الجوارح علي الانشغال بالله عز وجل

لكن كونك تظل علي هذه الحالة بأن تستمر عليها طوال عمرك ولا تجلس بين يدي ربك كل يوم ولو ساعة بالليل

ثم تذداد الجلسة تدريجيا الي ساعتين ثم أكثر بحسن الأدب لحسن الطلب حتي تتذوق حلاوة وثمرة الذكر

هذا هو الفارق بين النوعين والكل علي خير وفضل ولا حرج علي فضل الله تعالى

  • قال محي الدين ابن العربي:-

[[ اعلم أن الهجير ( هو دوام الذكر بلا انقطاع ) هو الذكر الذي يلازمه العبد أيا كان هذا الذكر ولكلّ ذكر نتيجة لا تكون لذكر آخر

وإذا عرض الإنسان على نفسه الأذكار الإلهية فلا يقبل منها إلا ما يعطيه استعداده

فأول فتح لك في الذكر قبولك له ثم لا يزال يواظب عليه مع الأنفاس فلا يخرج منك نفس في يقظة ولا نوم إلا بهذا الذكر لاستهتارك به ( اي مداومتك عليه بلا انقطاع ) فيه ومتى لم یکن حال الذاكر على هذا فليس هو بصاحب هجير .

ثانياً :-

أي اسم تذكره من أسماء الله تعالى وبأي حال نربطه فإن النتيجة التي تحصل لهذا الذاكر مناسبة لذلك الاسم ومرتبطة بتلك الحال ولا يظهر لك صورة إلا بهذه المناسبة الخاصة.

ثالثاً:-

ليس الذكر هنا بأن تذكر اسمه بل لتذكر اسمه من حيث ما هو مدح له وحمد ( أي تذكر الاسم والنية في الذكر مدح الإله الأعظم سبحانه وتعالى فبذلك تحصل علي ثمرة القرب والمعرفة وفتح الذكر .)

أما إذا كانت النية في الذكر لغرض دنيوي أو اخروي أو كلاهما معا مثل الرزاق والفتاح والباسط فإنه يعطيك أثر ما تريد في مطلبك

لأنه كريم لا يبخل علي عبده لكنه لا يوصلك الي معرفة ربك ولا يفتح عليك فتوح المعرفة الإلهية ) ]]

{ الفتوحات المكية } .

وإلي الجزء الثاني من بيان أثر الذكر :- .