احاديث العبادات وآداب العادات

حديث النبيﷺ عن ليلة القدر وصيام رمضان

روي عن حضرة النبيﷺ :-

مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ 

( رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه)

وروي عن حضرة النبيﷺ

قَالَ: مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ

( رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه)

    * البيان* 

قيام النهار بالصيام عن الطعام والشراب والغيبة والنميمة والظلم والإساءة لعباد الله تعالى

وقيام الليل لا يقتصر علي الصلاة لأن الأمر أساسه النية والقدرة علي ذلك فقراءة القرآن جالس أو مصل وذكر الله تعالى وكثرة الصلاة والسلام على حضرة النبيﷺ

وقراءة كتب العلم للتعلم والعمل وخدمة المريض وخدمة ورعاية الاب والام مادم العبد نوي بالفعل القيام فالكل له نصيب من القيام

* اقوال العارفين في ذلك* 

قال الشيخ محمد المرون:-

[[ ليس الشأن من صوم رمضان الجوع والعطش إنما الشأن صيام جوارحك السبعة الرأس وما وعى ،والبطن وما حوى . الصيام والقيام هو امتثال الأوامر واجتناب النواهي في الظاهر والباطن

وتكون أعمالك كلها خالصة لوجه الله لا رياء فيها ولا سمعة ولا جزاء ولا شكوراً ، متبرئاً من حولك وقوتك وتدبيرك واختيارك

واقفاً بين يدي الله ورسوله عبداً مملوكاً تنتظر ماذا يفعل الله بك ، فإن اجتمعت فيك هذه الصفات كنت صائماً قائماً ذاكراً شاكراً وإلا فلا .

ومن شرف هذا الشهر أنه كل ليلة من ليالي رمضان يغفر الله فيها لسبعين ألف من العصاة من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام

فإذا كانت الليلة الأخيرة من رمضان أعتق فيها بقدر ما أعتق في الليالي كلها ومعنى هذا كله أنما غفر الله لهم وأعتقهم من النار ببركة سيدنا محمد وبركة شهر رمضان.

وأما الرجال والفحول والكمل من الأولياء والصالحين فيزدادون کل نفس وكل ساعة وكل يوم وكل شهر وكل عام زيادة في الترقي والوصال والقرب والرضى والمحبة والخلة

رمضان فيه ليلة القدر خير من ألف شهر هذه سيرة علماء الظاهر وأما علماء الباطن فلياليهم كلها ليلة القدر .

ومن شرف رمضان أن الحور العين تنادي كل ليلة منه يا ربنا إئذن لنا نهبط إلى السماء الدنيا لنرى أزواجنا ماذا يصنعون فيؤذن لهن فيهبطن إلى السماء الدنيا

فينظرن إلى أزواجهم فمن وجدنه ساجداً أو راكعاً أو تالياً أو يسبح أو مناجياً قالت اللهم يا رب إني اشتقت إليه فعجل بروحه إلي وإن وجدته على غير ذلك قالت اللهم أبدلني خيراً منه .]]

{سلسلة أعيان المغرب }

ثانيا قيام ليلة القدر إيمانا واحتسابا:

روي عن حضرة النبيﷺ عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول اللهِ، أرأيت إن وافقت ليلة القدر بِمَ أدعو؟ قال "قولي: اللَّهُمَّ إنك عَفُوٌّ تحب العفو فاعف عَنِّي".

لماذا هذا الدعاء خاصة ؟

[[ والإجابة وردت في دعاء العارف بالله مطرف بن عبد الله فكان يدعو ويقول :-

اللهم ارض عنّا فإن لم ترض عنّا فاعف عنّا فإنّ المولى قد يعفو عن عبده وهو عنه غير راض .]]

{ المختار من مناقب الأخيار }

وقال أيضاً محمد المرون:-

[[ من كرامة ليلة القدر أنه ينزل جبريل ومعه لواء الحمد ولواء الكرامة ولواء الرحمة ولواء المغفرة .

أما لواء الحمد فيضعه فوق الكعبة ، وأما لواء المغفرة فعلى قبر النبي ﷺ وأمـا لـواء الكرامة فعلى بيت المقدس ، ولواء الرحمة يضعه ما بين السماء والأرض يضع أطرافه في مشارق الأرض ومغاربها.

وما من مصل أو ذاكراً لله أو شاكر أو قارئ للقران أو مسبح أو مهلل ( أي يقول لا إله إلا الله ) إلا حفه هذا اللواء وعمته ما في هذا اللواء من الرحمة والعطايا والمواهب والتفضلات والمنح الإلهية .

ومن تمام كرامة شهر رمضان وليلة القدر أنه تهبط ملائكة الحساب الأعظم إلى الأرض فيطوفون على المساجد والزواية والبيوت والعباد أينما كانوا الذاكـريـن والمصلين على النبي والمادحين وأهل الأذكار والأوراد والأحزاب والأدعيات والتوسلات والمناجاة

.وفي ليلة القدر ساعة الإجابة :

الملائكة يؤمنوا على جميع من دعى الله بقلبه خالصاً . في ليلة القدر الملائكة تؤمن على جميع من دعى الله بقلبه خالصاً خاضعاً متواضعاً خاشعاً خائفاً وجلاً من هيبة الله وعظمته مقبلاً على ربه قلباً وقالباً وحالاً ومقالاً .

فعند ذلك يستحق الإجابة وترجع الملائكة بحوائجك ومطالبك ومقاصدك ورغائبك وتصعد بها إلى سدرة المنتهى ثم تأخذها ملائكة القدس ثم إلى الحضرة الإلهية .]]

{سلسلة أعيان المغرب }

  • تحديد ليلة القدر :-

امرنا حضرة النبيﷺ بأن نبحث عنها في العشر الأواخر من شهر رمضان

فمن قام العشر الأواخر من شهر رمضان بالصلاة أو التلاوة أو الذكر أو خدمة المريض من صديق أو زوج أو زوجة وكانت نيته القيام بالخدمة فالكل له نصيب منها ولا حرج علي فضل الله تعالى

ومن العلماء من تحري ليلة القدر سنوات ووضع لها علامات يعرفها بها

الوجه الأول :-

منهم من قال إنها سبع وعشرون اعتماداً علي قول سيدنا عبد الله بن عباس وغيره من العلماء

أن الإنسان خلق من سبع ورزقه في سبع ومراحل تكوينه في الرحم سبع والسموات سبع والأرض سبع وجوارح الإنسان سبع فهي ليلة سبع وعشرين

لكن كثير من الناس رآها في غير ليلة سبع وعشرين فلعل الغالب في الأزمنة أنها تتكرر ليلة سبع وعشرين

الوجه الثاني:-

ومنهم من عد كلمات السورة فوجد الكلمة رقم سبعة وعشرون عند قوله ( هي ) حتي مطلع الفجر فعدد الكلمات يشير إلى أنها ليلة سبع وعشرين

الوجه الثالث . قال الامام الغزالي وغيره من العارفين:-

[[ إنها تعرف باليوم الأول من الشهر فإن كان أول يوم من رمضان هو يوم الأحد أو الأربعاء فليلة القدر هي ليلة تسع و عشرين

وإن كان أول يوم في رمضان يوم الاثنين فليلة القدر هي ليلة إحدى وعشرين

أو يوم الثلاثاء أو الجمعة فهي ليلة سبع وعشرين

أو الخميس فهي ليلة خمس وعشرين

أو يوم السبت فهي ليلة ثلاث وعشرين

قال الشيح أبو الحسن ومنذ بلغت سن الرجال ما فاتتني ليلة القدر بهذه القاعدة المذكورة، ]]

{حاشية إعانة الطالبين للدمياطي }

ولا تتوقف ليلة القدر علي الوتر كما قال النبي ﷺ لأن النبي قال اطلبوها في العشر الأواخر من رمضان لأن مطالع الهلال تختلف من بلد الي آخر فتكون عندك ليلة زوجية وهي نفسها ليلة وترية عند الآخرين

وقد تكون في غير العشر الأواخر قد تكون في أي يوم من رمضان أو شعبان فهي تدور في السنة كلها لأن الرسول ﷺ بعث للعالمين الانس والجن المسلمين

فمنهم من يسكن علي الارض أو في كواكب أخري فليلة واحدة علي القمر تساوي ١٦ يوما من الأرض وليلة علي المريخ بستة اشهر علي الارض

وفي القطب الشمالي ستة شهور نهار وستة شهور ليل فليلة القدر تدور في السنة كلها نسأل الله تعالى بلوغها والتوفيق فيها بالخير والبركة

ومما يؤيد هذا الكلام ما قاله العارف بالله عبد القادر الجزائري:-

قال عبد القادر الجزائري:-

[[ هذه الليلة ممتزجة لا ضوء محض ولا ظلمة خالصة وكنت أنظر إلى ظل شخص فأراه متميزا وليس هناك نور زائد كما يتوهمه أكثر الناس وذلك في الخامس والعشرين من شعبان فلا تختص برمضان كما قال بعض العلماء،

وبعض الناس تكشف لهم أنوار في وسط السماء، أو في جوانبها، أو أنوار تشبه السرح فيظنون أن ذلك علامة ليلة القدر وليس الأمر كذلك

وإنما علامة ليلة القدر ما رواه مسلم في الصحيح إن الشمس تطلع صبيحتها ولا نور لها وقد شاهدت ذلك،

فكانت الشمس كالترس النحاسي لا شعاع لها ولو كانت فيها كتابة لأمكنني قراءتها من غير كلفة وقائم هذه الليلة يحصل له ما وعد الله به ولو لم تنكشف له

والناس يرغبون في معرفتها ويطلبونها لأجل إجابة الدعاء فيها وكان الأولى أن يطلبوها لما وعد الله تعالى به قائمها على لسان رسوله ﷺ كما قال من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه

وأما الدعاء فلا يمكن الداعي أن يدعو تلك الليلة إلا بما سبقت القسمة الأزلية بحصوله وكان يطلبه بلسان استعداده .

وظاهر أمر النبي ﷺ بمراقيتها وطلبها إنما هو لإقامتها طلبا لما وعد الله من مغفرة الذنوب في حق عامة أهل الإيمان والعباد لا في حق الخواص الذين لا يريدون إلا وجهه، فلا يطلبون غيره.]]

{ المواقف الروحية}

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلي آله وصحبه أجمعين.

   * المراجع *
  • تفسير سورة القدر للقرطبي
  • حاشية إعانة الطالبين للدمياطي الشافعي ج٢ باب ليلة القدر
  • سلسلة أعيان المغرب العارف بالله محمد المرون
  • المختار من مناقب الأخيار ج٥ ص ٢٤
  • المواقف الروحية لعبد القادر الجزائري موقف رقم ١٥٠