الآخرة وما فيها من رحمة الله

حديث النبيﷺ عن رحمة الله بالأمة في نار جهنم

روي عن حضرة النبيﷺ

أما أهل النارِ الذين هم أهلُها فلا يموتون فيها ولا يحيَوْنَ ولكن ناس أصابتهم نار بذنوبِهم أو بخطاياهم فأماتَتْهُم إماتة حتى إذا كانوا فحمًا أُذِنَ لهم في الشفاعة فجئ بهم ضبائرَ ضبائرَ ( أي : جماعات جماعات )

فبُثُّوا على أنهار الجنة فقيل يا أهل الجنة أفيضُوا عليهم فينبتون نبات الجنة تكون في حميلِ السيلِ قال فقال رجل من القوم كأن رسول الله ﷺ قد كان في البادية

{ أخرجه ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري ومسلم }

        * أقوال العارفين في ذلك * 

.

  • الوجه الأول للحديث:-

ورد أن عصاة الموحدين إذا دخلوا النار يعذبون فيها لحظة لا يعلم مقدارها إلا الله عزّ وجل وحده ثم يموتون للخبر السابق

قال شمس الدين الحنفي:-

[[ بأنه ذات مرة دخل الحمام فكان الماء دافئ فقال لتلاميذه نار جهنم علي المؤمن يوم القيامة مثل هذا الماء الدافئ ففرح الناس فرحا شديدا برحمة الله تعالى

{ الطبقات للشعراني }
.

  • الوجه الثاني:-

قال الإمام القرطبي :

هذه الموتة للعصاة موتة حقيقية لأنه أكدها بالمصدر وذلك تكريما لهم حتى لا يشعروا بألم العذاب .

فإن قيل فأي فائدة لا يحسون بالعذابوهم حينئذ في النار قلنا :

يجوز أن يدخلهم تأديبا وإن لم يذوقوا فيها العذاب ويكون صرف نعيم الجنة عنهم مدة كونهم فيها عقوبة لهم كالمحبوسين في السجن

فإن مدة السجن عقوبة لهم وإن لم يكن معه غل ( طوق حديد في العنق ) ولا قيد ( في أيديهم )

ويجوز أن يكونوا متألمين غير أن آلامهم تكون أخف من آلام الكفار لأن آلام المعذبين وهم موتى أخف من عذابهم وهم أحياء

دليل ذلك قوله تعالى

{ وحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ العَذابِ﴾ ﴿النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وعَشِيًّا ويَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أشَدَّ العَذابِ﴾ [ سورة غافر ]

فأخبر المولي سبحانه وتعالي أن عذابهم إذا بعثوا أشد من عذابهم وهم موتى

( تفسير القرطبي بتصرف يسير )

وقال محي الدين ابن العربي :

[[ سبب إماتة الله العصاة الموحدين دون الكفار إكرام الله الجوارح التي كانت تسبح بحمده وتطيعه وإنما وقعت في المخالفات من حيث أنها كالمجبورة تحت قهر النفس المدبرة للسوء ]]

( الفتوحات المكية)

  • الوجه الثالث :

مذهب أهل السئة أن الجنة والنار مخلوقتان وموجودتان بدلالة الآيات الصريحة على ذلك في القران الكريم

كقوله سبحانه وتعالى: ( أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) وقوله تعالى ( أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ ) .

  • الوجه الرابع :

الناس في الموقف يكونون على حالتهم التي ماتوا عليها فإذا دخلوا الجنة دخلوها شبابا جردا مردا أبناء ثلاث وثلاثين على صورة حجم سيدنا آدم طول كل واحد منهم ستون ذراعا في عرض سبعة .

كما روي عن حضرة النبيﷺ :-

يدخل أهل الجنة جردا مردا مكحلين أبناء ثلاثين أو ثلاث وثلاثين سنة

وفي زيادة للطبراني عن النبي ﷺ

( وهم على خلق آدم ستون ذراعا في سبعة أذرع )

{رواه الترمذي وأحمد في مسنده والطبراني في الصغير والأوسط وإسناده حسن }

وأما أجسام الكفار في النار فمختلفة المقادير حتى ورد أنه روي عن حضرة النبيﷺ

ضرس الكافر مثل ( جبل ) أحد وفخذه مثل ورقان .

( ورقان : جبلان بالمدينة المنورة بالنبي ﷺ ) .

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلي آله وصحبه أجمعين.

    * المراجع * 
  • تفسير القرطبي سورة غافر
  • صحيح مسلم والترمذي وأحمد في مسنده والطبراني في الصغير والأوسط
  • الطبقات لعبد الوهاب الشعراني ترجمة العارف بالله شمس الدين الحنفي
  • الفتوحات المكية لمحي الدين ابن العربي

.