عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت :-
كان رسول الله ﷺ يذكر الله تعالى على كل أحيانه
{ أخرجه مسلم } .
* الحكمة *
قال وهب من منبه :-.
أوحي الله تعالى الي داود عليه السلام أن أسرع الناس مروراً على الصراط الذين يرضون بحكمي وألسنتهم رطبة من ذكري
* البيان *
منطوق الحديث واضح جلي ومن اشارات الحديث أن دوام حضور العبد مع الله تعالى كل لحظة هو ذكر لله عز وجل قال أحد العارفين:-
هذا الطريق ( طريق العارفين وهو من منبع النبوة ) ليس بالرهبانية ولا بأكل الشعير والنخالة والتقشف وإنما هو بالصبر والحضور مع الله تعالى علي الدوام
* أقوال العارفين في ذلك *
- اعلم أن الذكر باللسان يغفل عنه القلب وهو ذكر العادة
وذكر باللسان بحضور القلب
وذكر القلب مع صمت اللسان ولا يعرف أحد قدر هذا الذكر سوى الله تعالى .
فلقد جمع حضرة النبيﷺ اكمل أحوال الذكر قلبا وقالبا وحضورا مع ربه عز وجل فيتعامل مع الخلق أخذ وعطاء بيع وشراء اكل ونوم ويقظة وجهاد وعبادة وعمل ولم يؤثر ذلك في قلبه ولم يشغله عن ربه
- قال أبو سعيد الخراز :-
أول مقام لمن وجد علم التوحيد ( المعرفة ) والتحقق بذلك هو فناء ذكر الأشياء عن قلبك وانفرادك بالله عز وجل
( أي لا تهتم بأي شيء تراه وتعمله في الدنيا ولا يخطر علي بالك وقلبك شئ من أمور الكون من مال وأهل وولد وزينة وخلق وليس في قلبه كل وقت ولحظة سوي ذكر الله وأنه يراه ولا يغفل عنه )
فما دام قلبُ الرجل يذكرُ الله تعالى فهو في الصلاة حتي وإن كان في السوق أو التجارة أو العمل وإن تحرك لسانه بالذكر مع قلبه فهو أعظم .
- وقال عبد القادر الجزائري:-
في قوله سبحانه وتعالى:-
رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصلاةِ وَإِيتَآءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ والأبصار [ سورة الـنـور ]
التجارة أعم من البيع والشراء . يقال : فلان يتجر في كذا وهو جالس في بيته مثلا بمعنى أن بيعه وشراءه إذا باع واشترى يكون فيه
وقد يكون في دكانه أو سوقه يقصد البيع والشراء وما حصل منه بيع ولا شراء بالفعل فهو في هذه الحالة وفي حالة ملابسة البيع والشراء غير ملهي عن ذكر الله
وليس المراد خصوص ذكر اللسان وإنما المراد أن حركاتهم وسكناتهم كانت لله وفي الله وبالله
فكان لهم في حالة بيعهم وشرائهم وتجارتهم حضور مع الله تعالى ومراقبة ونية صالحة وجميع تصرفاتهم .
وهو المراد بقوله ﷻ { والذين هم على صلاتهم دائمون﴾
أي يكونون في جميع أحوالهم وتصرفاتهم حاضرين مع الله عزّ وجل مراقبين له كحضورهم معه ومراقبتهم له في حال كونهم في صلاتهم.
لأنه من المعلوم أنهم كانت لهم ضروريات لا بد لهم من التصرف فيها ، ولذا قال لا تلهيهم تجارة ولا بيع ولم يقل لا يتجرون ولا يبيعون
فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله ﷺ يذكر الله تعالى على كل أحيانه
أي كل حالاته وأوقاته والمراد أنه كان دائم الحضور والمراقبة لله تعالى
لأنه ﷺ كان يأكل ويشرب وينام ويتصرف في مصالح بيته ومصالح غيرهم من أصناف الخلق ( ولا يشغله ذلك عن ذكر ربه والحضور والمراقبة له سبحانه وتعالى )
والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. .
* المراجع *
- حلية الأولياء لأبو نعيم الأصفهاني والكواكب الدرية للمناوي ترجمة وهب بن منبه
- المواقف الروحية للجزائري الموقف رقم ١٢
- الطبقات للشعراني وتذكرة الأولياء للعطار والكواكب الدرية للمناوي ترجمة أبو الحسن الشاذلي والخراز .