قطرة من بحر حكمة العارفين ج ٥٩
-
عليك بالاشتغال بالله تعالى فإن لم تقدر على ذلك فاشتغل بما يقربك إليه وليس لك عذراً في ترك ما يقربك إليه لأنها أول الدرجات
-
قال العارف بالله أبو الحسن الشاذلي:-
لأن يصحح ألله سبحانه وتعالى للك مقام النوبة خير لك من أن يطلعك على سبعين ألف غيب ويفقدك اياها
اذكر الله تعالى بلسانك وراقبه بقلبك فما ورد عليك من الله من خير قبلته وما ورد عليك من ضده دفعته رجاعا إلى الله في الدفع والجلب
فإن خامر سرك شيء من ذنب أو عيب أو نظر إلى عمل صالح أو حال جميل قيادر إلى التوبة والاستغفار من الجميع
أما من الذنب والعيب فواجب شرعا وأما من العمل الصالح أو الحال الجميل فألقه
واعتبر باستغفار الرسول صلى الله عليه وسلم بعد البشارة واليقين بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهذا في حق النبي المعصوم لم يقترف دنيا قط وتقدس عن ذلك فما ظنك بمن لا يخلو من ذنب في وقت من الأوقات
واعلم أن الله قد أودع أنوار الملكوت في أصناف الطاعات فمن فاته من الطاعة صنف أو أعوزه من الموافقة جنس فقد فقد من النور بقدار ذلك
فلا تهمل شيئاً من الطاعات ولا تستغني عن الأوراد بالواردات ولا ترضي لنفسك بما يرضى به المدعون من جرى الحقائق على السنتهم . وخلو أنوارها من قلوبهم
وإن الحق سبحانه وتعالى بحكمته جعل الطاعة الجارية على العباد مستقرعة لباب الغيوب فمن قام بالطاعة والمعاملة بشرط الأدب لم يحتجب الغيب عنده
وإنما حجاب الغيوب هو وجود العيوب فالتطهر من العيب يفتح لك باب الغيب
ولا تكن من يطالب الله لنفسه ولا يطالب نفسه لله. فذلك حال الجاهلين الذين لم يفقهوا عن الله ولا واجههم المدد من الله
والمؤمن ليس كذلك بل المؤمن من يطالب نفسه لربه ولا يطالب ربه لنفسه فإن توقف الوقت عليه استنبط أدبه ولا يستبطئ مطلبه من ربه
وإن ملكوت الله لا يؤذن بالدخول فيه إلا لمن تطهر من آفات البشرية وقام بوفاء العبودية
والتطهر من آفات البشرية بالتخلق بأخلاق الله ووجود الفناء عما سوى الله والتحقق بالعبودية بالامتثال لأوامر الله تعالى والاستلام لأحكام الله
فإن وصلت إلى ذلك فلك منفسح في الغيب ومستوطن في الملكوت وواصلك الإمداد وقابلك من الله الازدياد
وتصل إلى ذلك بإقلال النظر إلى الظواهر ورعايتك للسرائر
- بركة الصلاة والذكر والتلاوة للقرآن:-
قال العارف بالله العربي الدرقاوي:-
اعلم أن بركة الصلاة تفوق بركة كل عمل ولولا ما قاله لنا المشايخ رضي الله عنهم بأن من لا شيخ له فالشيطان شيخه إلى غير ذلك
لقلنا إنها - أي الصلاة - تقوم مقام الشيخ وكذلك الصلاة على رسول الله وكذلك لا إله إلاالله وكذلك تلاوة القرآن وغير ذلك من أعمال البر
فالعمل الدائم مع حضور القلب وترك ما لا يعني بالكلية والمحافظة على الفرائض والسنن يقوم مقام الشيخ لمن لم يجده
أما من وجد الشيخ الكامل العارف بربه فهو الخير لا محالة فقد قيل في شأن الأولياء المربين ما نفع القلب شيء مثل الزهد في الدنيا والجلوس بين يدي الأولياء
وإلي الجزء ٦٠ من بحر حكمة العارفين:- .