روي عن حضرة النبيﷺ
إذا قمت إلى الصلاة فأسبغْ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبِّرْ ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركعْ حتى تطمئن راكعا ثم ارفعْ حتى تستوي قائما ثم اسجدْ حتى تطمئن ساجدا ثم ارفعْ حتى تستوي قائما ثم افعل ذلك في صلاتك كلها
{أخرجه البخاري ومسلم عن سيدنا أبي هريرة رضي الله}
- الصلاة شريعة *
أن تتوجه القبلة بجسدك وأن لا تسبق الإمام ولا تساويه بل تتبعه وأن تنصت للإمام في الصلاة
لكن عليك بقراءة الفاتحة فقط في سكتات الإمام وأن التكبيرة الأولي فرض وهي تكبيرة الإحرام للصلاة وتكبيرات الانتقال هيئة لكنها من كمال الصلاة .
-
الصلاة حقيقة وأقوال العارفين *
- التكبير*
قال الشيخ القاضي عياض:-
[[ السر في تقديم التكبير على سائر أفعال الصلاة أن يتنبه المصلي على معنى هذا اللفظ من أنه سبحانه وتعالى هو الموصوف بالجلال وكبر الشأن وأن كل شيء دون جلاله وسلطانه وأنك فقير إليه ،
وأنه سبحانه وتعالى تنزهت وتقدست ذاته وعظمته عن مشابهة المخلوقين وأنّه الكبير الذي يصغر كل شيء عند ذكره فيشغل المصلي خاطره بمعنى هذه الكلمة ولا يحدث نفسه بما وراء ذلك
والأصل في ذلك قوله ( ﷺ ) في حديث جبريل لما سأله عن الإحسان قال « أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك
وقال العارف بالله ابي العباس التادلي:-
[[ أول الصلاة تكبيرة الإحرام وذلك بأن ترفع يديك وتقول الله أكبر من أن أضن عليه بشيء وأي شيء من متاع الدنيا كان في نفسك أكبر فلم تحرم ولا كبرت للصلاة ومعنى رفع اليدين في التكبير قد تخليت عن كل شيء لله عزّ وجل ]]
{ مناقب أبي يعزي } .
- قال أبو بكر الواسطي:-
[[ يقول العبد الله أكبر في صلاته أى أن الله أكبر من أن يعامله بعمله فيمتن علي ربه بأداء هذا العمل وينقطع عنه لتركه لأن الاتصال بالله والانقطاع عنه ليس بالحركات بل بقضاء أزلي سابق ]]
{ تذكرة الأولياء }
. وقال الشيخ علي الخواص:-
[[ إنما شرع لنا التكبير أول الصلاة منعا لما يتوهمه العبد ويخطر في بالك من أن الحق -تعالى ( هو الصورة أو الهيئة التي تخيلتها في قلبك)
فكأن العبد يقول بلسان قلبه الله أكبر عن كل ما يخطر ببالي من الصور والمعارف وأننه عز وجل لا في جهة العلو ولا جهة السفل .
وإنما شرع الحق سبحانه وتعالى التوجه إلى الكعبة في الصلاة رحمة بعباده ليجمع همهم عليه لئلا تتفرق قلوبهم وإلا فسائر الجهات في حقه سبحانه وتعالى واحدة ]]
. وقال الشيخ علي المرصفي:-
[[ الخاص بالتوجه إلى الكعبة إنما هو الجسم فقط وأما القلب فهو متوجه إلى الله تعالى فمقيد لمقيد ومطلق لمطلق
مقيد لمقيد ( اي جسدك مقيد للكعبة وهي مقيدة مكان لمكان جسم متجه لجسم ) ومطلق لمطلق ( اي قلبك غيب لا تعلم حقيقته ولا ما فيه وربك غيب فيكون غيب مع غيب )
ولا يخفى أن من وقف في صلاته وأخلى باطنه عن وجه الحق تعالى وجعل الحق سبحانه وتعالى في وهمه كالدائرة المحيطة به فهو جاهل بالله عز وجل
( لأنك جعلت لله تعالى حيز وصورة وشكل وهذا مستحيل لأنك حيزت ) الحق سبحانه وتعالى في وهمك فاعلم ذلك ونزه الحق عز وجل مع شهود الكمال كما تقدسه علي حد سواء والحمد لله رب العالمين ]]
{ القواعد الكشفية للشعراني ص 183-184}
وقال عبد القادر الجزائري:-
[[ قال تعالى ( وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ) أي تكبيرا بالغا في الفخامة والضخامة وإنما أمر المصلي بقول الله اكبره عند دخوله في الصلاة وعند انتقالاته في الركوع والسجود والرفع منه إلى تمام الصلاة
لكونه أمر بأن يعبد الله كأنه يراه وأن يعتقد أن الله عز وجل في قبلته وأنه مطلع عليه ويراه وأنه بينه وبين القبلة وأنه يناجيه
وأمثال هذا مما ورد في الأخبار الصحيحة وكل هذا يستلزم التخييل والتصوير لا محالة وكل مصل بل مخلوق يتصور معبودة ويتحيله، بمعنى أنه يعتقد في معبوده أنه كذا وليس كذا وهذا هو التصور والتخيل فلما كان الأمر هكذا، وعلى ما ذكرنا
أمر المصلي وغير المصلي أن يقول الله أكبر بصيغة المفاضلة أي مسمى الله في مرتبة إطلاقه أكبر وأعظم من أن يتخيل أو يتصور أو تحوم حول حماه شائبة تقييد للمولي عز وجل بجهة أو صفة أو يحضره نعت أو اعتقاد فإنه سبحانه وتعالى يقول:- ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )
فهذه الآية السابقة تنفي وتنفي الضدية فلا مثل له عز وجل فيدانيه ولا ضد له فيناويه بل هو المطلق حتى عن الإطلاق لأن الإطلاق تقييد له بالإطلاق وإنما ضرورة التعبير أحوجت إلى ذكر الإطلاق ونحوه من الألفاظ الضرورية
فالمفاضلة إذا على بابها بمعنى أنه - تعالى - في مرتبة إطلاقه أكبر منه وأعظم في مرتبة تقييده وهو هو في المرتبتين لا غير من غير تغيير يلحقه ولا تحويل
فهو المطلق في عين تقييده المقيد في عين إطلاقه كما أنه الأول في عين آخريته والآخر في عين أوليته الباطن في عين ظاهريته الظاهر في عين باطنيته ]]
{ المواقف الروحية للجزائري }
* السجود *
روي عن حضرة النبيﷺ :. أما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء ، فقمن أن يستجاب لكم »
رواه مسلم وأبو داود والنسائي
{ ومعنى قمن - بفتح القاف وكسر الميم - حقيق والسجود من جملة المواضع التي يستجاب فيها الدعاء لأنه أقرب ما يكون العبد إلى الله ( تعالى ) في السجود .
وما ذاك إلا لأنك وضعت أعز ما عندك في الأرض وهو الوجه وقد امتنع كثير من الكفار من الإسلام لأجل السجود وقالوا للنبي ﷺ ارفع عنا السجود وندخل الإسلام
وما طلبوا ذلك إلا استكبار واستعلاء منهم ويدعو الإنسان في سجوده بكل أمر مهم عنده من أمر دينه ودنياه ]]
{ الموارد الشهية ج١ص ٤٠٩, ٤٧٦,٤٧٧ }
- الحكمة في كون الركوع واحدا والسجود اثنين *
[[ لأن السجدة الأولى لامتثال الأمر والثانية لترغيم إبليس
أو السجدة الأولى إشارة إلى خلق الإنسان من التراب والثانية إشارة إلى أنه تعود إلي مولاك كما قال تعالى :- منها خلقناكم وفيها نعيدكم ﴾ (سورة طه ) ]]
{ كشف الأسرار عما خفي من الأفكار لابن العماد }
وقال الشيخ البهوتي الحنبلي وغيره :
[[ إنما شرع تكرار السجود في كل ركعة دون غيره لأن السجود أبلغ ما يكون في التواضع ؛ لأن المصلي لما ترقى في الخدمة بأن قام ثم ركع ثم سجد فقد أتى بغاية الخدمة
ثم أذن لك في الجلوس في خدمة المعبود فسجدت ثانيا شكرا على اختصاصه إياه بالخدمة وعلى استخلاصه من غواية الشيطان إلى عبادة الرحمن
فلقد روي عن حضرة النبيﷺ :. إذا قام العبد يصلي أتى بذنوبه فوضعت على رأسه أو على عاتقه فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه
( أخرجه ابن حبان عن ابن عمر مرفوعا ) ]]
{ كشف القناع للبهوتي ج١ والموارد الشهية ج١ }
وقال الشيخ الدميري الشافعي وغيره:-
[[ أن حضرة النبيﷺ لما عرج به إلى السماء فمن كان من الملائكة قائما سلم عليه كذلك ثم سجدوا شكرا لله تعالى على رؤيته ﷺ
ومن كان راكعا رفع رأسه من الركوع وسلموا عليه ثم سجدوا شكرا الله تعالى على رؤيته.
فلم يرد الله سبحانه وتعالى أن يكون للملائكة حال إلا وجعل لهذه الأمة حالا مثل حالهم ]]
{ النجم الوهاج للدميري الشافعي ج٢} .
فافهم سر الصلاة من تكبير وسجود وغيره تعلم أن الصلاة صلة ووصلة وحقيقة نورانية بتجليات ربانية
ولكن لمن فهم وعقل وليس لمن أداها صورة بلا معني وجسد بلا روح . .
قال أحد العارفين من صلي بهذا الفهم أصبحت صلاته كالشيخ المربي له توصله الي ربه
فيصلي بحب وليس بمشقة فيرفع عنك التكليف اي انك تؤديها بشوق لربك وذوق وحب وليس حملا ثقيلا تريد التخلص منه
- تتمة *
ما يقال في الركوع
روي عن حضرة النبيﷺ إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاث مرات ؛ فقد تم ركوعه وذلك أدناه وإذا سجد فقال في سجوده سبحان الأعلى ثلاث مرات فقد تم سجوده ، وذلك أدناه . . وروي عن حضرة النبيﷺ إذا ركع أحدكم فليسبح ثلاث مرات فإنه يسبح الله ( تعالى ) من جسده ثلاثة وثلاثمائة عظم وثلاثة وثلاثمائة عرق
رواه الدارقطني والديلمي في الفردوس . . وروي عن حضرة النبيﷺ إذا قال العبد في ركوعه سبحان ربي العظيم عتق ثلث جسده من النار ، وإذا قال ثلاث مرات عتق جسده كله النار ) )
والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين .
.* المراجع *
-
القواعد الكشفية للشعراني ص 183-184
-
الموارد الشهية في حل ألفاظ العشماوي الجزء الأول ص ٤٠٩, ٤٧٦,٤٧٧
-
كشف الأسرار عما خفي من الأفكار لابن العماد }
-
كشف القناع للبهوتي ج١ والموارد الشهية ج١ }
-
النجم الوهاج للدميري الشافعي ج٢
-
- المعزي في مناقب سيدي أبي يعزي للتادلي ص ٢٠٣
-
تذكرة الأولياء لفريد الدين العطار ترجمة الواسطى
-
المواقف الروحية لعبد القادر الجزائري موقف رقم ٦٠