احاديث العبادات وآداب العادات

حديث النبيﷺ عن انتظار الصلاة ومعني المرابطة

روي عن حضرة النبيﷺ ألا أخبرُكُم بما يمحو اللَّهُ به الخطايا ويرفع بِه الدرجات إسباغُ الوضوء على المكاره وكثرة الخط إلى المساجد وانتظار الصلاة بعدَ الصَّلاةِ ، فذلِكُمُ الرِّباطُ فذلِكُمُ الرِّباطُ فذلِكُمُ الرِّباطُ

(أخرجه النسائي عن أبو هريرة ومسلم)

  • البيان مع اقوال العارفين في ذلك* قوله ﷺ يمحو الله به الخطايا أي لا يصبح لها أثر بعد عين إما أن يمحوها من الصحيفة ويمحوها من ذهن العبد ويمحوها من ذهن الملائكة أو تبدل المسيئة الي حسنة وهو أيضا محو للسيئة ولا حرج في فضل الله تعالى

  • معني المرابطة والإشارة فيها :-

الإشارة الأولي

  • قال إبن عجيبة الحسني:-

[[ قال تعالى: ﷽ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [ سورة آل عمران]

الإشارة في هذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إيمان أهل الخصوص (اصْبِرُوا) على حفظ مراسم الشريعة من أوامر ونواهي (وصابروا) على تحصيل أنوار الطريقة ورابطوا قلوبكم على شهود أسرار الحقيقة

ورابطوا على العكوف في مقام الإحسان ( وهو مراقبة قلبك وسرك مع الله تعالى ) بتحقيق معرفة الله الحسني ]]

{ البحر المديد لإبن عجيبه }

الإشارة الثانية:-

المرابطة هي ما يسميها الأولياء الورد اليومي وهو دوامك علي ذكر وعبادة لا تنقطع الا بالمرض والموت

فإذا مت أدام الله تعالى علي يد ملائكه نموا وزيادة لما كنت تفعله في حياتك إلي قيام الساعة

مثل الصدقة التي ينتفع بها بعد موتك كذلك الورد يظل أثره ونوره لك ينموا الي آخر أيام الدنيا

وفي ذلك المعني قال محي الدين ابن العربي:-

[[ عليك بالرباط فإنه أفضل أحوال المؤمن، فكل إنسان إذا مات يختم على عمله إلا المرابط فإنه ينمى له إلى يوم القيامة وتأمن من فتنة .

والرباط أن يلزم الإنسان نفسه دائما من غير حد ينتهي إليه أو يجعله في نفسه، فإذا ربط نفسه بهذا الأمر فهو مرابط، والرباط في الخير كله ما يختص به خير من خير فالكل سبيل الله

فإن سبيل الله لا يحدد ولا يخت بملازمة الثغور فقط ولا بالجهاد فإن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال في انتظار الصلاة بعد الصلاة (إنه رباط)

والله يقول في كتابه للمؤمنين (اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا (الله) يعني في ذلك كله أي اجعلوه وقاية تتقوا به هذه العزائم

وذلك معونته في قوله (وَاسْتَعينوا بالصبر والصلاة) أي تكون لكم النجاة من مشقة الصبر والرباط.

{ الفتوحات المكية } .

الإشارة الثالثة في معني المرابطة :-

هي كثرة النظر بقلبك وتعلق برسول ﷺ فإن لم تكن في زمانه فابحث عن الولي الكامل المرتبط قلبه برسول ﷺ فإن هذه الرابطة لها تأثير اقوي من الذكر والعبادات

قال الشيخ ضاري صالح :-

[[ المرابطة إدامة الصلة مع الحق تعالى من خلال توسط نور الشيخ الولي المرشد الكامل وصلته بنور الأنوار حضرة الرسول محمد المصطفى ﷺ

قالولي الكامل هو الشيخ الذي بلغ يبلغ مرتبة النور بفنائه في حضرة النور ومن ثم اكتمل في فنائه بنور الله تعالى والشيخ حين يتوسط بين المريد والحق تعالى لأنه حضرة مناسبة بين النور وبين الخلق

فهو من حيث الروحانية نور رباني محض ومن حيث الجسد فهو بشري ليقابل من خلاله البشرية ( فيك ) فيعتني بك ويرقيك ظاهرا وباطنا حتى تبلغ أفق النور الربانى فيتم لك الفناء فيه

فالمرابطة شكل من أشكال النوافل وهي أقرب ما تكون من الصلاة الدائمة لأنها تحقق صلة مع جهة النور في جميع الأوقات التي يرابط فيها المريد مع شيخه تعالى ( ثم يربط الشيخ قلبه بقلب رسول الله ﷺ .]]

{ الروح الصوفي }

وقال الشيخ الكسنزان :-

الرابطة هي عبارة عن كثرة مراعاة صورة العارف والولي الكامل في البال والاستمداد من روحانيته المباركة الفانية في الله تعالى، فيتم للمريد بهذه الرابطة الحضور والنور .

فتربط قلبك بقلب شيخك إلى قلب الرسول ﷺ إلى الحضرة الإلهية ومن يفعل تلك تتنزل عليه الفيوضات الربانية وينال بركتي نور الذكر ونور الرسول ﷺ

فالرابطة ( مع الولي المرتبط قلبه بقلب الرسول صلى الله تعالى عليه فلا تصل وتعرف ربك الا من خلال النبي ﷺ ) وهذا هو هي اكسير التطهير من الخواطر الرديئة، والوساوس السيئة،

فبدل من أن يتعبد العبد وفي خواطره صور الدنيا وزخارفها من الأموال والنساء والأولاد وما يزيد في حبها فتشغله عن ربه

فإنه يتفكر في الشيخ الفاني في الله ( الذي يأخذ بيده الي حضرة النبيﷺ) فيزيد في حبه الله وفي الشوق للقائه والرابطة تعني: ربط قلب المريد إلى الوسيلة إلي الله

{ الموسوعه الكسنزانية } . والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين. .

  • المراجع *

  • سنن النسائي وصحيح مسلم

  • تفسير البحر المديد لابن عجيبة سورة آل عمران}

  • الفتوحات المكية لمحي الدين ابن العربي مجلد ٨ ص287

  • الروح الصوفي د.ضاري مظهر ص ٢١ بتصرف يسير

  • الموسوعه الكسنزانية