روي عن حضرة النبيﷺ
يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ولا يتغوطون ولا يَمْتَخِطُونَ ولا يبولون ولكن طعامهم ذلك جُشاءٌ كَرَشْحِ المسك يُلْهَمُونَ التسبيح والحمد كما تُلْهَمُونَ النَّفَسَ
{ أخرجه مسلم عن جابر بن عبدالله } .
* اقوال العارفين في ذلك *
.
- قال العارف بالله أبو الفضل الاحمدي:-
[[ اولا التمني في الجنة :-
يقعُ التمنِّي في الجنة لأهلها فيتنعمون بذلك أشدَّ التنعم وذلك لأنه تمن محقق لوجود ما يتمناه حالَ التمني
فلا يتوهم أحدٌ من أهل الجنة نعيماً فوق نعيمه أو يتمناه إلا حصلَ له بحسب ما توهمه إنْ توهمه معنّى كان معنى وإن توهَّمَهُ حسّاً كان حسّاً .
- ثانيا :- فاكهة الجنة وطعامهم :-
قال تعالى ﷽ ﴿ لَّا مَقْطُوعَةِ وَلَا ممنوعة ﴾
جميع فاكهة الجنة تُؤكل من غير قطع فمعنى مقطوعة أنها لا تُقطع حال القطع بل يقطفُ الإنسان ويأكل من غير قطع
فالأكل موجود والثمرة باقية في غصن الشجرة هذا ما أعطاه الكشف فعين ما يأكله هو عين ما يشهده في غصن الشجرة والله أعلم .
- ثالثا :- كيفية أجسام أهل الجنة :-
قال رضي الله عنه الذي عليه المحققون أن أجسام أهل الجنة تنطوي في أرواحهم فتكون الأرواحُ ظروفاً للأجسام بعكس ما كانت في الدنيا
فيكون الظهور والحكم في الدار الآخرة للروح وليس للجسم ولهذا يتحولون في أي صورة شاؤوا كما هم اليوم عندنا كالملائكة ومثل عالم الأرواح في الدنيا .
- رابعاً :- النكاح عند أهل الجنة :-
وقال رضي الله عنه يتناسلُ أهل الجنة فيها إذا شاؤوا فيجامعُ الرجل زوجته الآدمية أو الحوراء فيخلق الله تعالى عند كل دفعة ولداً
وذلك لأنَّ الله تعالى جعل النوع الإنساني غير متناهي الأشخاص دنيا وأُخرى لشرف الإنسان عند ربه عز وجل
وليس لأهل الجنة دبرٌ مُطلقاً لا للرجل ولا للمرأة لأن الله تعالى إنما جعل الدبر في دار الدنيا مخرجاً للغائط ولا غائط هناك
وإنما يخرج الأكل والشرب رشحاً من أبدانهم ولولا أنَّ ذَكَرَ الرجل وقبل المرأة محتاج إليهما في جماع أهل الجنة ما كانا وجدا في الجنة لعدم البول هناك
وجماع أهل الجنة يكون من خروج الريح لا من خروج المني لأنه لا مني هناك فيخرج من كل الزوجين ريح مثيرة كرائحة المسك فتلقى في الرحم فتتكون من حينه فيها ولداً
وتكمل نشأته ما بين الدفعتين فيخرج ولداً مصوراً مع النفس الخارج من المرأة ويشاهد الأبوان كل من ولد لهما من النكاح في كل دفعة
ثم يذهب ذلك الولد فلا يعود إليهما أبداً كالملائكة المتطورين من أنفاس بني آدم في دار الدنيا وكالملائكة الذين يدخلون البيت المعمور
( كما روي عن النبيﷺ في حديث الإسراء والمعراج :-
فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام مسنداً ظهره إلى البيت المعمور فإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ( متفق عليه عن أنس بن مالك )
فهؤلاء الأولاد ليس لهم حظ في النعيم المحسوس ولا المعنوي إنما نعيمهم برزخي كنعيم صاحب الرؤيا .
- سادساً :- معني قوله تعالى. ﷽ (أَكُلُهَا دائم)
معناه أنّ الأكل لا ينقطع عنهم متى طلبوه لا أنهم يأكلون دائماً فالدوام في الأكل هو عين النعيم بما به يكون الغذاء للجسم
فإذا أكل الإنسان حتى شبع فليس ذلك بغذاء ولا بأكل على الحقيقة وإنما هو كالجابي الجامع للمال في خزانته والمَعِدَةُ جامعة لما جمعه هذا الأكل من الأطعمة والأشربة فإذا اخترنّ ذلك في معدته ورفع يده
فحينئذ تتولاه الطبيعة بالتدبير وينتقل ذلك الطعام من حال إلى حال ويغذيه بها في كل نفس فهو لا يزال في غذاء دائم
ولولا ذلك لبطلت الحكمة في ترتيب نشأة كل من يتغذي منها ثم إذا خلت الخزانة من الأكل حرَّكَ الطبع الجابي إلى تحصيل ما يملؤها به وهكذا على الدوام هذا معنى قوله تعالى ( أُكُلُهَا دائم ) .
والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين.
* المراجع *
- صحيح البخاري ومسلم
- الطبقات للشعراني ترجمة العارف بالله أبو الفضل الأحمدي ج٢