احاديث العبادات وآداب العادات

حديث النبيﷺ وصول الأعمال للميت ج١

حديث النبيﷺ وصول الأعمال للميت ج١

روي عن حضرة النبيﷺ:- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ.

( رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سيدنا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه )

وروي عن حضرة النبيﷺ :- . إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم الأموات فإن كان خيراً استبشروا وإن كان غير ذلك قالوا اللهم لاتمتهم حتى تهديهم كما هديتنا

( رواه الإمام أحمد بسند حسن عن سيدنا أنس رضي الله تعالى عنهم أجمعين ) .

               * البيان * 

قال سبحانه وتعالى ﷽ { وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} ( سورة النجم )

هذه الآية لها عدة وجوه تبين مع الحديث السابق أن الانقطاع في عمل العبد بموته أما سعي وفعل الغير من عمل صالح للميت فهو من سعي غيره ويصل إليه

الوجه الأول:-

قال سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنه هذه الآية نسخت بقوله تعالي ﷽ . { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } ( سورة النجم )

معنى ما ألتناهم : أي ما نَقَصَنَاهُم. . وقوله بما كسب : فالولد أيضا من كسب أبيه

فقال سيدنا ابن عباس رضي الله عنه فأدخل الأبناء الجنة بصلاح الآباء .

الوجه الثاني:-

قال عكرمة كان ذلك لقوم سيدنا إبراهيم وسيدنا وموسى ألا ترى إلى قوله في أول الآية ﷽ ( أَمۡ لَمۡ یُنَبَّأۡ بِمَا فِی صُحُفِ مُوسَىٰ * وَإِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ ٱلَّذِی وَفَّىٰۤ . أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةࣱ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ * وَأَن لَّیۡسَ لِلۡإِنسَـٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ) ( سورة النجم)

فأما هذه الآية فلهم ما سعوا وسَعى غيرهم وانظر الي خبر سيدنا سعد بن عبادة رضى عنه أنه سأل النبي ﷺ هل لأمى أجر إن تطوّعْتُ عنها فقال النبي ﷺ نعم . .

الوجه الثالث:-

قال الربيع بن أنس رضى الله عنه قوله تعالى ﷽ ( وَأَن لَّیۡسَ لِلۡإِنسَـٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ) يعنى الكافر فأما المؤمن فله ما سَعَى وسعي غيره أيضا .

  • ومن دلائل وصول الأعمال من الغير للميت *

اولا :-

قال الشعبي سُنَّةٌ كانت فى الأنصار إذا مات الميت لم يُدفن حتى يقرأ عند رأسه سورة البقرة.

فكل ما يفعله الإنسان من أنواع البر والخير يصل إليهم قال الله تعالى ﷽

{ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ } ( سورة الحشر)

وقوله تعالى ﷽

( الذين يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ ربهم ويؤمنون به ، ويستغفرون للذين آمنوا . ربنا وسِعْتَ كُلِّ شيءٍ رحمةً وعِلْمًا ، فاغْفِرْ للذين تابوا واتَّبَعُوا سبيلك وَقِهِمْ عذاب الجحيم )

فلو لم تكن الصلاة والدعاء يصلان إليهم لم يخبر عنهم بذلك فكذلك الصدقة وقراءة القرآن والدعاء ينفعهم ويصل إليهم .

وقد صلى النبي على جماعة من الصحابة وصلي علي النجاشي بالمدينة وهو غائب وكذلك صلي على خبيب بن عَدِيٍّ أحد أصحابه حين صلبه المشركين بمكة والنبي ﷺ كان بالمدينة والأدلة أكثر من أن تحصى فلو لم تنفعهم صلاة النبي عليهم ما صلي عليهم

وصلاة الجنازة فيها دعاء واستغفار وقران وصلاة الجنازة نفسها عمل صالح يصل فضله للميت وهو عمل الغير للميت فافهم إن كنت لبيب

لأنه اذا لم تكن صلاة الجنازة تنفع الحي بثوابها وتنفع الميت بما فيها من شفاعة المسلمين ممن صلي على الميت لما شرعها النبي ﷺ وإلا كانت الصلاة عبث ولا فائدة فيها وهذا من المستحيل

لأن كل فعل وقول فرض وسنة ما شرعها الله تعالى علي لسان النبي ﷺ إلا لحكمة ورحمة وخير وفضل لأمة النبي ﷺ

ثانياً : حديث شبرمة :-

سمع النبي ﷺ رجلًا يقولُ لبَّيْكَ عن شُبْرُمَةَ فقال مَنْ شُبْرُمَةُ فَذَكَرَ أخًا له أو قرابةً قال أَحَجَجْتَ قَطُّ قال لا قال فاجعلْ هذه عنك ثم حُجَّ عن شُبْرُمَةَ

( أخرجه  البيهقي في السنن الكبرى عن سيدنا ابن عباس وأبو داود وابن ماجه )

( والحج أعمال وأقوال من طواف وسعي وصلاة وذكر وذبح وغيره فكل هذه الأعمال والاقوال يصل ثوابها للميت فلو لم ينتفع الميت بذلك لما اجازه النبي ﷺ

فمن اقتصر الأمر علي أن الدعاء فقط هو الذي يصل فقد ضيق واسعا وحجر علي رحمة الله تعالى لأن الحج ليس دعاء بل هو عمل وقول وتعب ومشقة فكل ذلك يصل للميت ولا حرج علي فضل الله تعالى

والي الجزء الثاني من بيان الحديث:- .