احاديث العبادات وآداب العادات

حديث النبيﷺ وصول الأعمال للميت ج٣

حديث النبيﷺ وصول الأعمال للميت ج٣

[[ عن محمد بن محمد المدنى قال :-

مات قَرِيبٌ لى فرأيت في المنام كأن وجْهَهُ نورٌ يتلالاً فقلت له ماهذا النور فقال جارنا فلان وسماه باسمه زارنا وقرأ سورة الإخلاص ثلاث مرات وقسم ثوابها بين أهل القبور فأصابني من النور ماترى .]]

وقال الحافظ عبد الغني المقدسي الحنبلي:-

[[ حدثنى بعض أصحابنا من أهل الفقه والعلم أن أمه ماتت وكانت صَوَّامَةً قَوَّامَة وكنتُ أقرأ كل ليلة ألف مرة و قل هو الله أحد .

وأقول اللهم إنى أسألك قبول ما قرأته وأن تَجْعَل ثوابه هدية لأمي أو والدتي فأقمتُ على ذلك خمس سنين وكنت أتمنى أن أراها بعد موتها

فقرأت ليلة خمسمائة مرة سورة قل هو الله أحد وأهديتُ ثوابها لها فرأيتها في منامى وعليها ثيابٌ جُدُدٌ وهى فى أحسن صورة

فقلتُ لها سلام عليك يا أماه ماذا لقيت مِن الله تعالى قالت كل خير جزاك الله عنى خيرا ياولدى والله ياولدى لقد وَصَلَتْ إلى هديتك .

ثم قالت بالله يابنى لا تسمع الي هؤلاء الذين يقولون لا تصل الهدية إلى الأموات والله لقد وصَلَتْ وخَفِّفَ عنى بها شيئًا كثيرًا فبالله يابنى إن لم يكن الكثير فليكن القليل ولا تقطع عنى هديتك

وكان لها ولد عندنا يقال له عبد الرحمن فقالت والله لا أتركه عندكم فأخذته وحملته ومَضَتْ . ثم استيقظت من النوم فما أقام الصبى عندنا إلا ثلاثة أيام ثم مات ]]

{ الدر المنظم لإبن الموفق }

وقال معاذ بن رفاعة :-

مر سيدنا يحيى بن زكريا عليه السلام علي قبر النبي دانيال عليه السلام فسمع صوتا من القبر يقول :-

( سبحان مَنْ تَعَزّز بالقدرة وقهر العباد بالموت ) ومضى يحي بن زكريا في طريقه فسمع من السماء

( أنا الذى تعززت بالقُدْرَة وقهرتُ العباد بالموت من قالها استغفرت له السموات السبعُ والأَرَضُونَ السبعُ ومَنْ فِيهِنَّ ) ]]

{ الدر المنظم لابن الموفق } .

  • الصدقة لروح الميت أولي أم الصدقة له ولغيره معا *

قال العارف بالله أحمد الفاروقي السرهندي:-

[[ وقع يوما في خاطري أن أتصدق عن أرواح بعض الأقارب الموتى فظهر في ذلك الأثناء أنه قد حصل الفرح والسرور لذلك الميت المرحوم بمجرد هذه النية في النظر فرحا ومسرورا.

ولما جاء وقت إعطاء تلك الصدقة قصدت بها أولاً روحانية خاتم الرسل حضرة النبيﷺ كما كان ذلك عادتي ثم روحانية ذلك الميت .

فأحسست في ذلك الميت في ذاك الوقت الغم والحزن وظهر لي بالوحشة والتكدر فحصل لي تعجب تام من مشاهدة هذا الحال مع أنه كان محسوسا أنه قد حصل له من تلك الصدقة بركات عظيمة ولم يظهر فيه أثر فرح وسرور عندما تصدقت لغيره وله مع بعضهم

وكذلك نذرت يوما مبلغا لروحانية حضرة النبيﷺ وأدخلت في ذلك النذر سائر الأنبياء الكرام على نبينا وعليهم الصلاة والسلام

فلم يعلم لي رضي النبي ﷺ في ذلك الأمر وكذلك إذا أشركت سائر الأنبياء نبينا عليهم في العمل { باهداء ثواب ذلك علي سبيل الهدية )

مع العلم أنه إذا تصدقت عن روحانية واحد وأشركت فيها جميع المؤمنين يصل ثوابها إلى الكل من غير أن ينقص شيء من ثواب الشخص المنوي عنه شئ { إن ربك واسع المغفرة (سورة النجم.)}

فالسؤال لماذا هذا التكدر والحزن وعدم الرضا من الميت ( إذا تصدقت عنه وعن غيره معا ولماذا يفرح إذا تصدقت عنه فقط دون إشراك ثواب الصدقة مع غيره )

وبقي هذا الإشكال مدة حتي أظهر المولي سبحانه وتعالى سبب ذلك وهو أن الصدقة إذا تصدق بها عن الميت بلا شراكة ( أي عنه وعن غيره )

فإن روح الميت يحمل تلك الصدقة من جانبه إلى النبي ﷺ بطريق الهدية ويأخذ الميت عن حضرة النبيﷺ فيوض وبركات بواسطتها.

بخلاف ما إذا قصدت بالصدقة الميت وروح حضرة النبي معا فإنه لا ينتفع من الصدقة سوى الثواب ويحرم من بركات وفيض النبي ﷺ عليه لأنه لم يأتي إليه بها

ففي صورة المشاركه إن قبلت الصدقة فللميت تلك الصدقة وفي عدم المشاركة مع النبيﷺ ثواب الصدقة وبركات إتحاف تلك الصدقة وفيوض إهدائها له.

وهذا المعنى كائن في كل صدقة يشرك فيها الميت بالغير فإن في صورة الشراكة درجة واحدة من الثواب

وفي صورة عدم الشراكة درجتين درجة الصدقة ودرجة حملها من عنده إلى حضرة النبيﷺ. فعلمت من ذلك أن أكثر رضاء الموتى إفراد الصدقة لا في المشاركة

ولكن إذا قصد التصدق عن ميت ينبغي أن يهدى أولاً شيئا بنية روحانية النبي ﷺ على حدة ثم يتصدق عن الميت فإن حقوق النبيﷺ فوق حقوق سائر الخلق. وأيضا إن في هذا التقدير احتمال كون الصدقة مقبولة ببركة النبيﷺ .]]

{ المكتوبات الربانية للسرهندي }

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين . .

    * المراجع *
  • تفسير سورة النجم للقرطبي والطبري
  • صحيح مسلم وسنن البيهقي ومسند الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه
  • ذكر الموت لابن أبي الدنيا البغدادي
  • كتاب الأم في الفقه للإمام الشافعي
  • انظر شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور لجلال الدين السيوطي
  • المكتوبات الربانية لأحمد الفاروقي السرهندي مكتوب رقم ٤٤٠
  • الدر المنظم في زيارة جبل المقطم لابن الموفق ص ٣١ ٤١ ، ٤٣، ٥٢ ، ٩٩ .