حديث النبيﷺ عن الأدب في المسجد ج١
روي عن حضرة النبيﷺ
من أَكَلَ مِن هذه ثُم قال الثوم والبصل والكُرَّاثَ فلا يَقْرَبْنَا في مساجدنا ( أخرجه الترمذي ). . * البيان *
الحديث السابق هو العمدة في الشرح لأنه دليل حرمة ومكانة بيت الله تعالى وأن اقل شيء وليس بقليل من آداب حضرة الله تعالى لابد وأن لا نهمهلها أو نتهاون بها .
وضرب لنا فعلا وهو في نظر الناس هين وهو عند الله تعالى عظيم من أن رائحة الإنسان لابد وأن تكون طيبة في المسجد
لأنه حضرة خاصة وعليه فللمسجد آداب غفل عنها كثير منا وهذه هي بعض الآداب الخاصة بالمساجد جمعا بين الشريعة والحقيقة : .
- اقوال العارفين في ذلك *
اولا من آداب المسجد :
إذا خرجت من بيتك قاصدًا بيت الله فاخرُج متطهرًا متطيبًا ذاكرًا مطمئنًّا وعليك بالسكينة والوقار حال المشي ولا تكثِر الالتفات.
قال العارف بالله علي الخواص :
اعلم يا أخي حضرة النبيﷺ قد جعل خفة مشي العبد إلى المسجد علامة على صحة إيمانه وكماله وجعل ثقل المشي إليه علامة على ضعف إيمانه ونقصه ونفاقه كما سيأتي في الأحاديث.
فانظر يا أخي في نفسك فإن وجدتها تستثقل المشي إلى المسجد فاحكم عليها بضعف إيمانها ونفاقها،.
وربما يكون الدافع لك على خفة مشيك إلى المسجد علة أخرى كجلوسك مع جماعة يتحدثون في أخبار الدنيا وولاتها ومن عزل وتولى ومن يصلح ومن لا يصلح ونحوذلك
فليمتحن الماشي إلى المسجد نفسه بما لو رحل منه ذلك الشخص الذي كان يتحدث هو وإياه أو مات فإن خف عليه المشي إلى المسجد فهو لأجل امتثال أمر الله عز وجل وعلامة على إيمانه وإلا فالأمر بالعكس.
٢- من آداب المسجد:-
إذا خرجت من البيت فكن علي أدب وحفظ جوارحك وأنت ذاهب الي المسجد فلا تنظر إلي ما حرم الله تعالى
ولا تتكلم بغيبة ونميمة أو لفظ سئ بل اشغل نفسك بذكر الله تعالى لأنك في صلاة
كما روي عن حضرة النبيﷺ
إذا ثُوبَ بالصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السكينة، فما أدركتُم فصلُّوا، وما فاتكم فأتقوا، فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة
{ أخرجه مسلم والبخاري}
اي نويت الخروج للصلاة فقظ بدأت فعلا الصلاة فهو حضور مع الله سبحانه وتعالى
ولأنها تعتبر من آداب المسجد أيضا كما روي عن حضرة النبي ﷺ
مَن تَوضَّأ ثم خرَجَ يُريدُ الصَّلاةَ، فهو في صلاةٍ حتَّى يَرجِعَ إلى بيتِه ... الحديث
(أخرجه الحاكم والدارمي عن أبي هريرة رضي الله عنه)
وروي أيضاً عن النبي ﷺ
إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى المسجد، فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة
{ أخرجه أبو داود في سننه }
وكان العارف بالله أبو يزيد البسطامي إذا ذهب إلي المسجد لا يلقي بالنخامة من أنفه في طريقه للمسجد حرمة للمسجد بل في منديل أو اي شئ فكيف بداخل المسجد
٣- من آداب المسجد:-
أن لا تتدخل المسجد إلا علي طهارة فمن دخل ثم توضا فلا حرج عليه لأن الكلام مع أهل الأدب العالي في حضرة الحق وليس إلزام للعوام أو من وجد مشقة لذلك
فلقد كان العارف بالله علي الخواص إذا أراد أن يدخل المسجد يتطهر خارجه أو في بيته ولا يدخل قط محدثا ليتوضأ في الميضأة التي هي داخل المسجد خوفا أن يدخل محدثا ( حياء من حضرة الحق سبحانه وتعالى)
فإذا دخلت المسجد فقدم اليمنى على اليسري واستحضر عظمة الله فأنت في بيته وضيافته واذكره بما روي عن حضرة النبيﷺ
إذا دخل أحدكم المسجد فلْيُسَلِّمْ على النَّبيِّ وليقُلِ اللَّهمَّ افتَحْ لي أبوابَ رحمتِك وإذا خرَج فلْيُسَلِّمْ على النَّبيِّ وليقُلِ اللهم أجرني مِن الشيطان الرجيم»
وفي رواية عن النبي ﷺ :-
إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ اللهم إني أسألك من فَضْلِكَ. ( رواه مسلم )
وايضا من دعاء حضرة النبيﷺ عند دخول المسجد :-.
أعوذُ باللهِ العظيمِ وبوجهِه الكريمِ وسلطانِه القديِمِ من الشَّيطانِ الرَّجيمِ».
ولقد كان الإمام علي الخواص إذا دخل المسجد يصير يرتعد من الهيبة حتى يقضي الصلاة فيخرج مسرعا ويقول الحمد لله الذي أطلعنا من المسجد على سلامة فقال له تلميذه الشعراني :
أنتم بحمد الله في حضور مع الله تعالى داخل المسجد وخارجه فقال له يا ولدي لقد طلب الحق تعالى منا في المسجد آدابا لم يطلبها منا خارجه
فانظر إلى نهي النبي ﷺ للجالس في المسجد عن تشبيك الأصابع وعن تقليب الحصى ونحو ذلك تعرف ما قلناه فإن الشارع ﷺ لم ينهنا عن ذلك في غير المسجد.
٤- من آداب المسجد:-
فإذا دخلت المسجد فادخل بنية الاعتكاف ولا تجلس حتى تصلي ركعتين خفيفتين في جانب المسجد أو آخره ولا تتخطَّ رقاب الناس ولا تؤذِهم
روي عن حضرة النبيﷺ
إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ ( متفق عليه)
قال العارف بالله النووي :
أجمع العلماء على استحباب تحية المسجد ويكره أن يجلس من غير تحية بلا عذر .
فلو كان عليك فريضة سابقة أو ركعتان وضوء وغير ذلك كفاك ذلك فتجمع بالنية التحية والوضوء
وإذا كان الإمام بدأ بالفريضة فهي تقوم مقام التحية فيبدأ بالفريضة ولا يصلي الركعتين المهمّ أنّ لا تجلس حتّى تصلّي. .
٥ - الإنصات للمؤذن :-
وإن تقول مثل قوله فلقد روي عن حضرة النبيﷺ
إذا سمعتُم المؤذنَ فقولوا مثل ما يقول ثم سلوا اللهَ لي الوسيلة فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد اللهِ وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد فمن سأل الله لي الوسيلة حلّتْ عليه شفاعتي يوم القيامة.
( أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما }
وروي عن النبي ﷺ:
من قال حين يسمع المؤذن مرحباً بالقائلين عدلاً مرحباً بالصلاة وأهلا كتب الله ألفي ألف حسنة ومحا عنه ألفي ألف سيئة ورفع له ألفي ألف درجة
أخرجه الترمذي والدارمي في مسنده
وعند قول المؤذن لا اله الا الله .يستحب أن تقول هذا الثناء علي الله وهو ما روي عن حضرة النبيﷺ
من قال لا إله إلا الله قبل كل شيء لا إله إلا الله بعد كل شيء لا إله إلا الله يبقى ربنا ويفنى كل شيء عوفي من الهم والحزن
( أخرجه الخطيب البغدادي عن ابن عباس رضي الله عنهما )
بل قال أحد العارفين من سمع المؤذن ولم يهتم ولم يقل معه مثل ما يقول يخشي عليه من سوء الخاتمة نعوذوا بالله تعالى من ذلك .
والي الجزء الثاني من بيان الآداب:-