احاديث العبادات وآداب العادات

تتمة حديث النبيﷺ عن الأدب في المسجد ج٢

تتمة حديث النبيﷺ عن الأدب في المسجد ج٢ .

٦ - توجه القلب لله في الصلاة :-

[[ كما يحرم عليك في صلاتك التوجه لغير القبلة إذا عرفتها وإن فعلت بطلت صلاتك كذلك يحرم عليك التوجه بقلبك لغير الله من دار وأهل ودكان ومال

وكما يحرم عليك أن تتلو غير كلامه تعالى كذلك يحرم عليك أن تناجي في قلبك غيره أو تشاهده إلى أمثال هذا والزم الأدب فإنه لا يقبل لك من صلاتك إلا ما عقلت .]]

{ الفتوحات المكية لإبن العربي }

٧- من الآداب:

اشتغل بذِكر الله أو عليك بالصمت متفكرًا ولا تتكلم في حديث الدنيا ولا تشغل مَن حولك مِن التالين والذاكرين والركع السجود .

فلقد روي عن حضرة النبيﷺ

يكون في آخر الزمان من أمتي أناس يأتون المساجد يقعدون فيها حلقا حلقا ذكرهم الدنيا وحب الدنيا لا تجالسوهم فليس لله بهم حاجة . ( أخرجه ابن حبان من حديث ابن مسعود، والحاكم ) .

[ وقال الإمام أحمد التيجاني:-

روي أن الملائكة يشكون إلى الله تعالى من نتن فم المغتابين والقائلين في المسجد بكلام الدنيا ]]

{ الدر المنظوم من فيوضات التيجاني لمحمد المختار الشنقيطي } .

٨- من آداب المسجد:-

إذا جلست فاجلس مستقبلًا القبلة لا مستدبرًا لها واجلس جلوس الخاشع الذليل الخاضع المنكسر لمولاه فأنت في بيت الله عز وجل؛ فلا يحسن بك استدبار القبلة ولا مد الرجلين، ولا غير ذلك مما يتساهل الناس فيه .

فلقد جلس العارف بالله ابراهيم بن الأدهم ذات مرة وهو في بيته يذكر ربه ومدد رجليه فسمع هاتفا يقول له أهكذا تجالس الملوك

فقال أصحابه ما مد رجليه ابدا حتي مات ( وهذا في بيته فكيف بالمسجد الا لضرورة شديدة من مرض أو تعب وليس عادة )  

٩- إذا وجدت مجلس علم أو ذكر :-

روي عن حضرة النبيﷺ مَنْ غدا إِلي المسجد لا يريد إِلاَّ أن يتعلم خيرا أو يُعَلِّمَهُ كان لَهُ كَأَجْر حاج تامة حَجَّتُهُ ( رواه الطّبراني )

فأخرج من بيتك بنية الصلاة ونية الجلوس لمجلس العلم إذا وجدته فتفوز بالخيرين معا .

١٠- من الآداب :-

من السنة أن نطيل الجلوس في المسجد بشرط أن تكون حركاتك وسكناتك خواطرك كلها محمودة، فإن لم تكن كذلك فمن الأدب تخفيف الجلوس

لأنك ما دامت في المسجد فأنت جالس بين يدي الله تعالى شعرت أو لم تشعر بذلك ومن لم يجالس الملوك بالأدب أسرع إليه العطب.

فلقد كان الشيخ محمد الشويمي تلميذ لسيدي مدين فكان لا يتجرأ أحد أن يجالس العارف بالله سيدي مدين بحضرته لأن كل من خطر بباله خاطر قبيح بين يدي سيدي مدين يقوم بضربه بالعصا ضربا مبرحا

فإذا كانت هذه حضرة مخلوق وقد أقيم فيها هذا الميزان فكيف بحضرة الحق جل وعلا

وهذا الأمر قد غلب على غالب الناس المقيمين في المسجد من المجاورين والجالسين فيه ومن المترددين

فيجلسون ويذكرون الناس من العلماء والولاة والقضاة والشهود والظلمة والتجار فيذكرونهم بالنقائص في حضرة الله تعالى عز وجل،

ولذلك كان الشيخ علي الخواص لا يدخل المسجد إلا عند قول المؤذن حي على الصلاة فحينئذ يأتي المسجد فقيل له ألا تأتي المسجد مرة قبل الوقت؟

فقال مثلنا لا يصلح لإطالة الجلوس في حضرة الله تعالى فنخاف أن نأتي لنربح فنخسر فينبغي لكل مؤمن مراعاة الأدب في المسجد فإنه بيت الله الخاص.

فلا تذهب الي المسجد قبل الوقت إلا إن علمت من نفسك القدرة على كف جوارحك الظاهرة والباطنة من كل مذموم حتى من سوء الظن بأحد من المسلمين وحتى من التفكير بالاهتمام بأمر الرزق والمعيشة

فإن ذلك من أقبح الصفات لما فيه من رائحة الاتهام بأن الحق سبحانه وتعالى يضيع رزقك والا فلا تدخل المسجد إلا عند الآذان

ما عدا صلاة الجمعة فإن التبكير إليها سنة وأسأل الله تعالى المعونة علي حفظ ظاهرك وباطنك من الخواطر المذمومة

١١- آداب الجلوس في المسجد :

أن لا يخطر في بالك أنك خير من أحد المسلمين فتحتقر الناس سواء كان صانع أو حارس عمارة أو بائع فإن الاحتقار للناس ذنب خارج المسجد وأشد ذنبا داخل المسجد

لأنك في حضرة الله تعالى فإن هذا ذنب إبليس الذي أخرج من حضرة الله من أجله ولعن وطرد بسبب اعزازه وكبرياؤه في حضرة الله علي سيدنا آدم

وما أدراك أن العبد الذي تحتقره أو تنظر إليه نظرة اذدراء من أولياء الله الاخفياء وقد لا يعلم هو نفسه ذلك وقد يقبل الله صلاتك ويغفر ذنبك بسببه

فلقد دخل الحسن البصري المسجد فوجد الإمام واسمه حبيب العجمي وهو من ( الأولياء ) وكان لا يعلم أن حبيب هو الإمام فلما علم بذلك

لم يصل خلفه لأن لسانه فيه عجمة فلما بات ليلته سمع في منامه من يقول له أما علمت أنك لو صليت خلف حبيبنا حبيب لغفر الله لك ذنبك .

١٢- من الآداب :-

تعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى حيث قال عز وجل :-.

{ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } (الحج).

ومما يلحق باحترام المسجد وإجلال الله عزّ وجل في الوقوف بين يديه أن يكون لأصحاب المهن ثوب خاصّ للعمل وآخر للصلاة وخاصّة يوم الجمعة

فلقد روي عن حضرة النبيﷺ مَا عَلَى أحدكم لَو اشترى ثَوْبَيْنِ ليوم الجمعة سِوَى ثوب مهنته ( رواه ابن ماجه ومالك في الموطأ )

وقال سيدنا عبد الله ابن عمر رضِيَ اللهُ عَنْهُ:

ربّي أحقّ من أتزيّن إليه وكان لبعض الصالحين حلّة بمبلغ عظيم من المال وكان يلبسها وقت الصلاة ويقولربّي أحقّ من تجمّلت له في صلاتي .

١٣ - من الآداب :-

تجنب الروائح الكريهة عند القدوم إلى المسجد سواء كانت الرائحة في الثوب أو من البدن فلقد روي عن حضرة النبيﷺ

من أَكَلَ مِن هذه ثُم قال الثوم والبصل والكُرَّاثَ فلا يَقْرَبْنَا في مساجدنا

( أخرجه الترمذي ).

لأن الناس تتأذي من ذلك وكذلك الملائكة تتأذى كما يتأذي الناس وهذا في المساجد كلها وأشد كراهة في المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف والمسجد الأقصى لعظمة ومكانة هذه الأماكن المقدسة . وإلي الجزء الثالث من بيان الآداب:- .