احاديث العبادات وآداب العادات

حديث النبيﷺ عن ليلة القدر وأسرارها ج٢

  • حديث النبيﷺ عن ليلة القدر وأسرارها ج٢ * .
  • تحديد ليلة القدر :-

امرنا حضرة النبيﷺ بأن نبحث عنها في العشر الأواخر من شهر رمضان

فمن قام العشر الأواخر من شهر رمضان بالصلاة أو التلاوة أو الذكر أو خدمة المريض من صديق أو زوج أو زوجة وكانت نيته القيام بالخدمة فالكل له نصيب منها ولا حرج علي فضل الله تعالى

ومن العلماء من تحري ليلة القدر سنوات ووضع لها علامات يعرفها بها :-

الوجه الأول :-

منهم من قال إنها سبع وعشرون اعتماداً علي قول سيدنا عبد الله بن عباس وغيره من العلماء

أن الإنسان خلق من سبع ورزقه في سبع ومراحل تكوينه في الرحم سبع والسموات سبع والأرض سبع وجوارح الإنسان سبع فهي ليلة سبع وعشرين

لكن كثير من الناس رآها في غير ليلة سبع وعشرين فلعل الغالب في الأزمنة أنها تتكرر ليلة سبع وعشرين

الوجه الثاني:-

ومنهم من عد كلمات السورة فوجد الكلمة رقم سبعة وعشرون عند قوله ( هي ) حتي مطلع الفجر فعدد الكلمات يشير إلى أنها ليلة سبع وعشرين

الوجه الثالث . قال الامام الغزالي وغيره من العارفين:-

[[ إنها تعرف باليوم الأول من الشهر فإن كان أول يوم من رمضان هو يوم الأحد أو الأربعاء فليلة القدر هي ليلة تسع و عشرين

وإن كان أول يوم في رمضان يوم الاثنين فليلة القدر هي ليلة إحدى وعشرين

أو يوم الثلاثاء أو الجمعة فهي ليلة سبع وعشرين

أو الخميس فهي ليلة خمس وعشرين

أو يوم السبت فهي ليلة ثلاث وعشرين

قال الشيح أبو الحسن ومنذ بلغت سن الرجال ما فاتتني ليلة القدر بهذه القاعدة المذكورة، ]]

{حاشية إعانة الطالبين للدمياطي }

  • وقال العارف بالله اسعد اليمني اليافعي:-

قال بعضهم: رأيتُ الملائكة ليلة ستّ وعشرين من رمضان في بعض السنين وهم في حالة تعبئة وتهيئة كما يتهيأ أهل الزفاف قبله بليلة

فلما كانت ليلة سبع وعشرين وهي ليلة الجمعة وقتها رأيت الملائكة تنزل من السماء ومعها أطباق من نور

فلما كانتْ ليلة ثمان وعشرين رأيت تلك الليلة كأنها في حالة غيظ وحزن وهي تقول : هَبْ أنَّ ليلة القدْرِ لها حقًا يُرْعاه الناس أليس لي حقٌّ يُرْعى ؟

قال الامام اليافعي:-

لعل حزن الليلة وغيظها على الناس لِتَرْكهم إحياءها مع كونها جارة لليلة القدر وحَقُّ الجار أن يكرم بشيء مما أكرم به جاره

وأما أطباق النُّور المذكورة فلعلها هديَّةٌ إلى من أحيا ليلة القدر فقد أناله الله تعالى شيئاً من بركة تلك الليلة،د والله أعلم .

وقد ذكر بعضهم أنه رأى في ليلة القدر كلَّ شيءٍ ساجداً لله عزّ وجلَّ حتى الشجر والحجر، ورأى الأنوار قد ملأت الوجودَ من العَرْشِ إلى الفَرْش

{ روض الرياحين ج٢ ص ٤٨٨-٤٩ } .

  • تتمة :-

لا تتوقف ليلة القدر علي الوتر كما قال النبي ﷺ لأن النبي قال اطلبوها في العشر الأواخر من رمضان

لأن مطالع الهلال تختلف من بلد الي آخر فتكون عندك ليلة زوجية وهي نفسها ليلة وترية عند الآخرين

وقد تكون في غير العشر الأواخر قد تكون في أي يوم من رمضان أو شعبان فهي تدور في السنة كلها لأن الرسول ﷺ بعث للعالمين الانس والجن المسلمين

فمنهم من يسكن علي الأرض أو في كواكب أخري فليلة واحدة علي القمر تساوي ١٦ يوما من الأرض وليلة علي المريخ بستة اشهر علي الارض

وفي القطب الشمالي ستة شهور نهار وستة شهور ليل فليلة القدر تدور في السنة كلها نسأل الله تعالى بلوغها والتوفيق فيها بالخير والبركة

ومما يؤيد هذا الكلام ما قاله العارف بالله عبد القادر الجزائري:-

قال عبد القادر الجزائري:-

[[ هذه الليلة ممتزجة لا ضوء محض ولا ظلمة خالصة وكنت أنظر إلى ظل شخص فأراه متميزا وليس هناك نور زائد كما يتوهمه أكثر الناس وذلك في الخامس والعشرين من شعبان فلا تختص برمضان كما قال بعض العلماء،

وبعض الناس تكشف لهم أنوار في وسط السماء، أو في جوانبها، أو أنوار تشبه السرح فيظنون أن ذلك علامة ليلة القدر وليس الأمر كذلك

وإنما علامة ليلة القدر ما رواه مسلم في الصحيح إن الشمس تطلع صبيحتها ولا نور لها وقد شاهدت ذلك،

فكانت الشمس كالترس النحاسي لا شعاع لها ولو كانت فيها كتابة لأمكنني قراءتها من غير كلفة وقائم هذه الليلة يحصل له ما وعد الله به ولو لم تنكشف له

والناس يرغبون في معرفتها ويطلبونها لأجل إجابة الدعاء فيها وكان الأولى أن يطلبوها لما وعد الله تعالى به قائمها على لسان رسوله ﷺ كما قال من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه

وأما الدعاء فلا يمكن الداعي أن يدعو تلك الليلة إلا بما سبقت القسمة الأزلية بحصوله وكان يطلبه بلسان استعداده .

وظاهر أمر النبي ﷺ بمراقيتها وطلبها إنما هو لإقامتها طلبا لما وعد الله من مغفرة الذنوب في حق عامة أهل الإيمان والعباد لا في حق الخواص الذين لا يريدون إلا وجهه، فلا يطلبون غيره.]]

{ المواقف الروحية موقف رقم ١٥٠ }

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلي آله وصحبه أجمعين.

   * المراجع *
  • تفسير سورة القدر للقرطبي
  • حاشية إعانة الطالبين للدمياطي الشافعي ج٢
  • سلسلة أعيان المغرب العارف بالله محمد المرون
  • المختار من مناقب الأخيار ج٥ ص ٢٤
  • روض الرياحين لليافعي اليمني طبعة دار الفتح للنشر والتوزيع الأردن .* المواقف الروحية لعبد القادر الجزائري .