قطرة من بحر حكمة العارفين

قطرة من بحر حكمة العارفين

قطرة من بحر حكمة العارفين  ج ٨١

" الحقيقة الإلهية تتعالى ومنزهة أن تشهدها بالعين  ولذلك فقد جعل الله الموجودات مرآة تتجلى فيها أسماؤه تعالى وصفاته وبذلك يظهر الكنز المخفى الذي أشير إليه في الخبر :- 

(  كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فبي عرفوني )  فالخلق صورة  أو مثال لتجليات ومظهر الحق جل جلاله عن الحلول والاتحاد 

فمن قال بالحلول فهو معلول ومرض لا يزول ومن قال بالاتحاد فهو من أهل الإلحاد 

فشغلك مع الله هو شغلك مع عباد الله وشغلك مع عباد الله هو شغلك مع الله من غير زيادة ولا نقصان لأنه لا موجود في الحقيقة إلا الله وحده جل جلاله (  من وراء حجاب البشرية فافهم إن كنت ذو بصيرة .) 


*  قال محي الدين ابن عربي:-:

إن اختصاص البسملة في أول كل سورة تتويج للرحمة الإلهية في منشور تلك السورة وأن الرحمة تنال كل مذكور فيها

وسورة التوبة هي وسورة الأنفال سورة واحدة قسمها الحق على فصلين وسماها سورة "التوبة" أي سورة الرجعة الإلهية 

بالرحمة على من غضب عليه من العباد فليس هو غضب أبد ولكنه غضب أمد والله هو التواب فما قرن بالتواب إلا الرحيم أو الحكيم 

 ليؤول المغضوب عليه إلى الرحمة أو الحكيم لضرب المدة في الغضب وحكمها فيه إلى أجل فيرجع عليه بعد انقضاء المدة بالرحمة

 فثبت انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم و ومن عذاب إلى نعيم  من غير مدة معلومة لنا 

*  إعلم أنه من رحمة الله تعالى بخلقه أن جعل على قدم كل نبي وليا وارثا له فلا بد أن يكون في كل عصر ١٢٤ ألف ولي على عدد الأنبياء و يزيدون ولا ينقصون

والعلوم المنزلة على قلوب الأنبياء لا ترتفع من الدنيا وليس لها إلا قلوب الرجال فتقسم عليهم بحسب عددهم

واعلم أن لله تعالى عبادا أخفياء أصفياء أولياء بينهم وبين الناس حجاب من العادات وهم غامضين في الناس يحفظ الله بهم العالم ( كما روي عن حضرة النبي ﷺ بهم ترزقون وبهم تنصرون) 

* الإلهام خبر إلهي من الله للعبد على يد ملك مغيب عن هذا الملهم والإلهام محله النفس

فإن الله سبحانه وتعالى ألهمها الفجور لتعلمه لا لتعمل به وألهمها التقوى لتعمل بها 

فهو إلهام إعلام فإن الله لا يأمر بالفحشاء ولا يلهم العبد العمل بها كما يراه بعضهم

وهذه الآية مثل قوله تعالى: ﴿وَهَدَيْنَهُ النَّجْدَينِ ﴾  أي عرفناه بطريق الضلال والهداية فالإلهام إعلام إلهي فلا تضع يا أخي ميزان الشرع من يدك طرفة عين. 

* إذا أردت أن ترى الحق على أكمل ما ينبغي أن يظهر به فعليك أن تراه في مرآة قلب سيدنا محمد  ﷺ  فاجعله إمامك والزم اتباعه .

فلا تطلب مشاهدة الحق إلا في مرآة نبيك واحذر أن تشهده في مرآتك ولا تطأ مكانا لا ترى فيه قدم نبيك ﷺ فضع قدمك على قدمه.

* من أراد أن يزول عنه حكم القهر في الدنيا فصاحب مولاك عز وجل بلا غرض ولا تشوف

بل تنظر  إلى كل ما وقع في العالم وفي نفسك وتجعله كالمراد له عز وجل فتلتذ به وتتلقاه بالقبول والبشر والرضى فلا تزال في نعيم دائم في الدنيا

ولا تقل كما قال من جهل الأمر وطلب المحال فقال: "أريد أن لا أريد". وإنما الطلب الصحيح الذي تعطيه حقيقة الإنسان أن يقول: أريد ما تريد" 

وتقف عند حكم الشرع فتريد ما أراده الشرع ومن قال أن العبد يجب أن يكون مع الله بغير إرادة ليس صحيح  والصواب أن يكون متعلق إرادة العبد ما يريده الحق سبحانه وتعالى به

فالعبد لا يخلو عن إرادة فليكن العبد مع الله على ما يريد فإنك  تحوز بذلك الراحة المعجلة في الدنيا ويزول عنك الألم

* قال العارف بالله عبد الوهاب الشعراني المصري:-

[[. روحانية الولي إذا دخل مكانا أو مشي فيه تبقى فيه ستة أشهر كما يشهد أرباب القلوب فكيف يمكان يسكنه؟

هذا بعكس بيوت الظلمة والعصاة تجدها موحشة لا أنس بها ولا روحانية  وكل إنسان لا يدرك سعادة البقاع وشقوتها فهو والبهائم سواء

ومن الأماكن التي تظهر فيها الروحانية في مصر منها مقام الإمام الشافعي رضي اللّه عنه وضريح ذي النون المصري

( والسيدة زينب والسيدة نفيسة ومولانا سيدنا الحسين والسيد البدوي والدسوقي وأبو الحسن الشاذلي )

فهذه أماكن لم يزل النور فيها واضحاً بسبب  الملائكة والأولياء التي تتوارد على هذه الأماكن  ]]

،{ بهجة النفوس والأحداق فيما تميز به القوم من الأخلاق للشعراني ص ٧٠ طبعة العلمية] 
.
والي الجزء ٨٢ من حكمة العارفين:-
.